انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

مراجعة لمفهوم المواطنة على ضوء الصحابةع

مدار الساعة,مقالات مختارة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/28 الساعة 00:29
حجم الخط

لم يفسح التاريخ العربي لشخصياته قبل الاسلام مساحة كافية لالقاء الضوء على طبيعة المجتمع العربي قبل الرسالة النبوية وقبل تحوله الى مجتمع مسلم من حيث قراءة نمط العلاقات السياسية او نمط القيادة في ذلك العصر, وإن كانت المعلومات الراشحة على قلتها تكفي الى القول ان ثمة صيغة شورية او ديمقراطية بمفهومنا الحاضر كانت متوفرة , طبعا للسادة وليس للرأع العام الذي كان في ذلك الوقت يحمل اسم الرعاع , فدار الندوة في مكة هي مجسّم للبرلمان القَبلي او برلمان اهل مكة وقبائلها وافخاذها حيث حُسمت القرارات العامة والمصيرية في تلك الدار من قرار المقاطعة والشِعب الى قرار اغتيال النبي .

بالضرورة ان تكون دار الندوة كما هي مكان للتوافق على القرارات كانت مكانا ايضا لفض المنازعات وانهاء الاقتتال البيني بين القبائل العربية او بين المناطق الجغرافية العربية وثمة ما يثري الذاكرة عن اشكال متعددة لحل النزاعات ولكنها حافظت على اركان ثلاثة و اولها الاعتراف من المخطئ بالخطأ ثم الاعتذار عنه وبعدها جبر الضرر , طبعا ثمة خروقات محدودة كانت وبالمقابل كان هناك اجتهادات شخصية رائدة كأن يتحمل احد الزعامات كلفة الصلح وطي الخلافات , او تتحمل قبيلة كلفة الصلح او تجمع قبلي, المهم ن ادارة الصراع وادارة الاتفاق كانت متوفرة مع بقاء الترسبات على شكل قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار او التفجير بيد عابث خارجي او بيد صفيق محلي .

اليوم نحن بحاجة الى اعادة استحضار الموروث السياسي ليس لمرحلة ما قبل الاسلام فقط بل لمرحلة ما بعد الاسلام الذي نجح في انتاج تسوية عبقرية رغم التباسها السياسي من خلال اشتقاق مفردة “ صحابة “ , وهي المفردة التي طوت كل الصراع السابق على المستوى الفردي وعلى المستوى المناطقي الجمعي , فعلى شدة بساطة المفردة الا ان دلالتها حسمت صراعا بنيويا داخل المجتمع العربي, بحكم تعدد المرجعيات الدينية والاثنية والقبلية لمجتمع ما قبل الرسالة , فتساوى في الحقوق السياسية والمدنية السابقون مع الطلقاء وتساوى اهل مكة مع اهل المدينة وباقي اجزاء الجزيرة العربية .

المجتمع العربي بتكويناته وتركيباته يعيش حالة تشظي وحالة شك وريبة بين مكوناته الداخلية وبين اقطاره وثمة مفردة جامعة قادرة على اعادة التماسك المجتمعي اسمها المواطنة على المستوى الوطني والعروبة على المستوى الجمعي وثمة مصالحات تاريخية يجب عقدها بين التكوينات المجتمعية سواء الاثنية او الطائفية او المذهبية ولدينا عقلاء في الامة ولدى كل التكوينات الرغبة في الحياة المستقرة بعد اختبارات الربيع العربي القاسية التي اخرجت مساوئ ان يكون المجتمع ممسوكا لا متماسكا ,هناك حاجة مجتمعية اليوم للحديث عن اعادة البناء والاعمار في الدول العربية وتحديدا دول الصراع لكنه تركيز على الاعمار البنياني والاعمار الاقتصادي دون التركيز للاسف على الاعمار الانساني والاعمار البشري فليس مهما ان يكون الشارع معبدا ولكن السائرين عليه متنافرون او يبغضون بعضهم , نريد اعادة اعمار الانسان في الدولة العربية على اسس المواطنة وعلى اسس الكرامة الانسانية وكل انفاق لا يستجيب لاعادة اعمار الانسان سيكون مصيره الفشل .

السلطة العربية عليها ان تستعيد وعيها الجمعي للحفاظ على سلطتها على الاقل وعليها ان تنتبه الى مفهوم التماسك المجتمعي وليس الامساك الامني بالمجتمعات , ثمة موروث عربي لحسم الصراعات المجتمعية قوامه الصحابة كمفهوم جامع والان ورغم كل ادعياء الحضارة يجب اعادة الاعتبار لمفهوم الامة على المستوى الجمعي ومفهوم المواطنة على المستوى الوطني والقطري .
الدستور

مدار الساعة ـ نشر في 2017/03/28 الساعة 00:29