هل وقع الإخوان المسلمون، أقصد التنظيم الدولي وفروعه بالمنطقة، في «فخ « الاستقطابات التي افرزتها الحرب على غزة؟ بصيغة أخرى، هل لدى الإخوان قابلية للتوظيف من قبل المشروعين التركي والإيراني اللذين يتصارعان لاقتسام مناطق النفوذ في منطقتنا العربية؟
لكي نفهم أكثر نحتاج لاستدعاء بعض الخلفيات والمستجدات ؛ بعد حرب 7 أكتوبر (طوفان الأقصى) تمكنت إسرائيل من إضعاف تنظيمات المقاومة المسلحة، وتفكيك وحدة الساحات، وجدت طهران نفسها أمام خسارة استراتيجية أثر قصّ أذرعها في المنطقة، خرجت تركيا من مرحلة الانكفاء وبدأت بالتمدد عبر البوابة السورية، في موازاة انحسار الحزام الشيعى ظهرت مجددا ملامح جديدة لهلال سني مُشبّع بأنفاس «الخلافة الإسلامية»، لا يتوقع الكثيرون أن تقبل إيران بالخسارة، ومن المرجح أن تحاول مجددا استعادة جزءاً من نفوذها،سواء في فلسطين أو لبنان أو سوريا أو العراق، كما لا يتوقع الكثيرون أن تتخلى أنقرة عن فرصتها التاريخية في التمدد، أو على الأقل بفرض حضورها على خارطة المنطقة.
إذا صحّت هذه الإفتراضات، وهي بتقديري صحيحة، فإنه لا يوجد « ناقل استراتيجي» يمكن للمشروعين الإيراني والتركي الاعتماد عليه أفضل من تنظيم «الإخوان المسلمين»، وفق معلومات فإن حوارات جرت في هذا السياق، وتم طرح بعض العروض السياسية وجرى التوافق عليها، أكثر من ذلك فإن استخدام بعض «الكودات» في خطاب الإخوان بالشارع ؛ باعتبارهم ممثلين للمقاومة،وحماس تحديدا، واحتفاءهم بقيادة سوريا الجديدة، ومحاولاتهم التواصل مع بعض المسؤولين في روسيا، وتثوير الشارع في مصر،،وتبنيهم لعمليات عسكرية عبر الحدود الأردنية ضد إسرائيل، كل هذه الرسائل، وغيرها كانت واضحة، ومفادها أنهم جاهزون للتشبيك مع طهران،أولاً، بذريعة إمداد المقاومة وإعادة إنعاشها( خاصة في الضفة الغربية)، ومع أنقرة، ثانياً، لتثبيت أقدام حكم الشرع في سوريا.
بقية مقال حسين الرواشدة
هل وقع الإخوان المسلمون في «الفخ»؟
يخطئ الإخوان المسلمون إذا وضعوا أقدامهم في هذا «الفخ «،أو إذا دفعتهم نشوة انتصار الإسلام السياسي من جهة،ومحاولة إنعاش المقاومة من جهة أخرى، إلى الوقوع بين فكي كماشة إيران التي تحاول تعويض خساراتها، او أنقرة التي تحاول تعظيم أرباحها وإنجازاتها، يخطؤون أكثر إذا ما وضعوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع «الترامبية « التي أدرجت ملفهم على طاولة عواصم عديدة في سياق إنعاش صفقة التطبيع الإبراهيمي، النصائح التي قُدمت إليهم من بعض الأطراف للحفاظ على وجودهم ضمن المعادلة السياسية الداخلية التي اوصلتهم للبرلمان في الأردن، ثم التحذيرات التي وصلتهم لتجنب استخدامهم في مشروعات إقليمية عابرة للحدود، تبدو وجيهة، لكن -وفق بعض التسريبات - يبدو أنهم لم يأخذوا تلك النصائح -حتى الآن - على محمل الجدّ والاهتمام.
لا يوجد أي مصلحة،للدولة والإخوان معاً، بإعلان الطلاق بلا رجعة، لقد جرّب «الإخوان» طيلة السنوات العشرة الماضية،على الأقل، القطيعة والحصار ودفعوا الثمن، الآن تغيرت الصورة بعد الانتخابات البرلمانية،واصبح خيار المشاركة أمامهم متاحا، صحيح أنهم أخطأوا عندما استعرضوا قوتهم، وما زالوا، في الشارع، أو عندما استقووا على الدولة وحاولوا اختطاف المجتمع، الدولة ابتلعت ذلك، ولديها ما يلزم من أوراق ومستمسكات جاهزة للدفع بها في أية لحظة، لكن يبقى من واجب العقلاء استدراك ذلك، ليس،فقط، من أجل مصلحة «الجماعة « التي يراهن البعض على أن تكون جزءا من المشروع الوطني الأردني، وإنما من أجل عدم تورطها في أي فوضى تضر ببلدنا، وتعيدنا إلى صراع المليشيات المؤجرة التي لم تترك في بلداننا العربية إلا الدمار.