أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الجبور تكتب:اضراب المعلمين يتزامن وهيكلة القطاع العام

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

كتبت د. آمال جبور- صار معروفا في الأردن وغيره ان محاولات الاضعاف لمؤسسات القطاع العام، تجري باسم مضلل، كإعادة هيكلته، وخلط ذلك لدواعي وضرورات الإصلاح والتطوير والتحديث.

إن الأزمة التي يعيشها القطاع التعليمي في هذه الفترة ، و ما نتج عنها بإعلان المعلمين الإضراب في المؤسسة التعليمية الحكومية، يستدعي طرح تساؤلات اكبر من قضية مطالب وحقوق مالية فقط لهذا القطاع.

أعتقد أن المشكلة أعمق من ذلك، وتفرض علينا النظر بشمولية لجذور مشكلة القطاع الحكومي بأكمله وليس القطاع التعليمي فقط.

و تعالت أصوات المعلمين مؤخرا حول سياسة التعليم خلال السنوات الماضية، التي تشكك- حسب تصريحات النقابة- بتحويل هذا القطاع من مؤسسة تعليمية تربوية، إلى مربع تتقاطع به مصالح جهات ذات علاقة سواء من قريب أو بعيد.

هذه الأزمة التي اشغلت الدولة والمجتمع تستدعي النظر والتأمل بجدية إلى ما هو أبعد ، حول سياسات قادمة تتمثل بهيكلة مؤسسات حكومية أخرى داعمة للبنية الاجتماعية والسياسية والأمنية للدولة، وهذا ما لا نريده من كوادر هذه المؤسسات للكشف عن انيابها ، لتفريغ حالة الغضب حول سياسات الدولة بتجاهل تحسين أوضاعهم المالية والحقوقية ايضا.

إن حالة القطاع العام الحكومي ، الذي يشكل كوادره العمود الفقري للكتلة الاجتماعية الواسعة والمعروفة بالطبقة الوسطى، من قطاع التعليم والصحة والجيش وغيره، يتم الآن تهميشه وكبت حريته إزاء المطالبة بحقوقهم وتحسين مستوى معيشتهم، تمهيدا لتقليص حجمه الوطني الفاعل والناجز عبر تاريخ الدولة الأردنية.

وبذلك فان إضعاف القطاع العام بهيكلته وخصخصته، وربط أداءه بمؤسسات خاصة سواء ربحية او شكلية، هو إلغاء وإضعاف الدولة برمتها ، وبالتالي فالمطلوب ليس الإجهاز على هذا القطاع بحجة الترهل او القمع لمطالبته بتحسين وضعه ، بل يجب تحديثة وتطويره، ورفع مستوى دخل منتسبيه واحترام حقوقهم، إذا أرادوا أن تبقى الأردن اردنا.

وعند إستبدال القطاع العام بقطاعات أخرى أكثر تقدما وتحديثا كما يزعمون ، فذلك يعني إستبدال كتلة سياسية هي بروقراطية الدولة ، لكتلة سياسية أخرى تجهز حاليا لقيادة الأردن في الفترة القادمة.، وهذه الكتلة اكثر ارتباطا باستحقاقات تصفية القضية الفلسطينية عبر الأردن .

أن الطابع العام لكتلة القطاعات التي تم تشكيلها مؤخرا باسم قطاعات خاصة لم يكن لها دور في بناء ركائز الدولة الأردنية، بل عملت لصالحها وعلى مستوى ضيق، فغذت نفسها بنفسها، فهم على الأغلب ليسوا من ابناء الطبقة الوسطى ، وتحمل طابعا سياسيا أبعد ما تكون عن مصالح الشعب الأردني و الفلسطيني وقضيته العادلة.

لذلك ليس من العدل إستبدال القطاع العام الحكومي الذي يمثل القاعدة الاجتماعية التي قام عليها الاردن بحجة الترهل ومواكبة التحديث، لصالح قطاعات خاصة استحدثت وتخدم فئة معينة، تريد تحديثا في الشكل لا حداثة في الجوهر..

مدار الساعة ـ