تتجه الحكومة الى تعديل نظام التمويل المالي للاحزاب، نحو توجيه الدعم المالي الذي تبلغ قيمته 50 الف دينار سنويا لكل حزب مرخص، باتجاه ان يكون هذا الدعم بناء على المشاركة السياسية، بمعنى ان الحزب يستحق الدعم المالي بمقدار فاعليته السياسية ومشاركته بالانتخابات البرلمانية واللامركزية وحصوله على عدد من المقاعد. ويهدف هذا الاجراء حسب الحكومة لتفعيل الاحزاب وتنشيطها.
وفي نفس الوقت هناك نية نحو اجراء تعديلات على قانون الانتخاب الحالي، كما فهم من تصريحات حكومية، الا انها تبدو طفيفة ودون التوقعات تصب في مفهومها إلى تخفيض عدد المقاعد الحالية، ومحاربة المال السياسي المعروفة بعملية شراء الاصوات.
الا ان هذه التعديلات، سواء على مستوى القانون، او النظام المالي، فعلى اهميتها، الا انها لن تسهم في تطوير الاصلاح السياسي المنشود ولن تطور الحياة الحزبية في بلدنا.
لان الـ 50 الفًا لا تصنع احزابا فاعلة، في حين ان ربطها بالمشاركة السياسية قد يدفعها الى الاندماجات وتشكيل ائتلافات حزب، تفضي الى تخفيض عددها الذي ساهم قانونها في ازدحامها الذي اصبح يعيق الحركة في الشارع السياسي، بعد ان قارب عدد المرخص منها إلى 50 يتزاحمون على نسبة اقل من 1 بالمئة من عدد السكان الذين يهتمون بالاحزاب.
في حين ان التعديلات المنتظرة على قانون الانتخاب لن تفي بالغرض، اذا لم يتم اجراء تعديلات جوهرية على اعمدة الاصلاح السياسي وهما قانونا الانتخاب والاحزاب نحو الانسجام الذي تضمن وجود قوائم حزبية تتيح للاحزاب المشاركة ضمنها وحصولها على عدد معين من المقاعد النيابية تهيئ لها فرصة لتشكيل الحكومات لاحقا، او المشاركة فيها ضمن برامج معروفة، يمكن الشارع محاسبتها عليه لاحقا، كما تسمح لها تشكيل كتل برلمانية فاعلة تراقب الحكومة واداءها، بدلا من الكتل البرلمانية التي تشكل لغاية انتخاب رئيس محلس النواب واعضاء المكتب الدائم.
ان وصول الاحزاب الى محلس النواب والمشاركة في الحكومة، هي بداية الطريق نحو تفعيلها، انطلاقا من ايمان وقناعة الشارع فيها، ونبذ الخوف منها او الانضمام لها، وتمهد الطريق امامنا الى حكومات حزبية اذا كنا جادين نحو هذا الهدف.
لذلك سنبقى ندور بنفس الدائرة اذا بقي الوضع على ما هو عليه او كما يروج له وسننتظر سنوات طوال دون ان نحسم الموقف الذي لا يحتاج الى اسئلة او مماطلة.
ان جدية الحكومة نحو الاصلاح وتفعيل الاحزاب امام اختبار مهم وفرصتها قائمة وكبيرة، لتحقق منجزا وطنيا يسجل لها اذا ما توجهت لاجراء تعديلات على قانوني الانتخاب والاحزاب تصب في هذا الاتجاه.
الدستور
فرصة لتحقيق منجز وطني يسجل لها
مدار الساعة ـ
حجم الخط