تتواصل العروض والسيناريوهات والخطط التي تطرحها دول ومؤسسات ومنظمات, وأجهزة استخبارات وشركات «مقاولات» عسكرية, إسرائيلية وأخرى أميركية وثالثة إقليمية/ عربية وغير عربية, لما يُسمى في القاموس الصهيو أميركي «اليوم التالي», لحرب الإبادة والتطهير العِرقي والتهجير, التي ما تزال تتوالى فصولا وحشية منذ أزيد من عام.
وإذا كان مجرم الحرب نتنياهو قد «بادر» الى طرح سلسلة من هذه السيناريوهات, عبر ما وصفه تغيير «قواعد اللعبة» في القطاع, وان «لا حُكم» في غزة.. لا لفتحستان/السلطة, ولا لحماسستان, عبر البحث في البداية, عن جمعٍ من عشائر القطاع تتولى عشيرة أو أكثر السيطرة على «جيب» من القطاع تحفظ الأمن فيه, وتقوم بتوزيع المساعدات الإنسانية على المواطنين, ما لبث ان تخلّى عن مشروعه هذا, بعد رفض غالبية العشائر الانخراط فيه, وراح يطرح جملة متلاحقة من الخطط بين حكم عسكري, وإدارة مدنية وتقسيم للقطاع شمالا وجنوبا, بإقامة مِحور او أتوستر?د «نيتساريم", الذي يقسم القطاع الى شطريْن شمالا وجنوبا, مع تجريف كل أثر مدني, عمراني او زراعي غزّي, قريب من مستوطنات غلاف غزة (التي «أغرقها» طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/2023).
عام إنقضى ولم «يستقِر» نتنياهو على خطة معينة, لكنه.. «في ما تم الكشف عنه مؤخرا» يبدو أنه توصل الى «تفاهم» مع شركة مقاولات عسكرية/أميركية, هي شركة (GDC) من النوع الذي أغرق في حينه دولا مثل العراق وأفغانستان. لافتة الكاتبة «نوعا لاندو» في مقال لها بصحيفة هارتس العبرية الأحد الماضي, إلى أن «الحديث يدور عن خصخصة الحكم العسكري في غزة، ونقله إلى جهات خاصة «لها مصالح اقتصادية»، مشيرة إلى أن «الأمر يهدف إلى إبعاد المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن إسرائيل، ونقلها إلى مليشيات مسلحة.» خاصة ــ تُضيف لانداو ــ أن الحكو?ة اتخذت قرارا يتعلّق باستئجار «شركة خاصة يمتلكها إسرائيليون وأميركيون»، لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، بسبب «معارضة الجيش الإسرائيلي القيام بهذه المهمة».
وكما بات واضحا فإن كل ما كان سعى اليه نتنياهو وما يزال, هو «إبعاد» وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين/الأونروا, عن المشهد ونزع الشرعية والمصداقية عنها, وهو ما حقّقه قبل يومين, عندما صوت كنيست العدو بأغلبية ساحقة, على «حظر عمل الاونروا, في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر, وإلغاء امتيازات وحصانات الأونروا». كذلك «حظر أي اتصال بين الهيئات الحكومية الإسرائيلية والمسؤولين والأونروا، ومنع أي وجود للأونروا في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة».
ماذا في جعبة رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر في هذا الشأن؟.
قالت صحيفة «تيلغراف» البريطانية، انه «من الممكن» أن يتم قريباً إرسال جنود سابقين من القوات الخاصة البريطانية, للمساعدة في بناء «مناطق مغلقة» خالية من حماس في قطاع غزة.
مضيفة/"تيلغراف» أن الاقتراح «يتضمّن مشاركة إسرائيل, مع شركات عسكرية خاصة لإنشاء مناطق آمنة لتوصيل المساعدات, والمساعدة في إعادة إعمار القطاع المدمر بفعل الحرب».
ووفقاً لمواقع إخبارية إسرائيلية، من المتوقع أن يفوز مردخاي «موتي» كاهانا، رجل الأعمال الإسرائيلي/الأميركي, الذي يدير شركة التوصيل العالمية (GDC)، «أشرنا اليها أعلاه» بعقد قيمته 200 مليون دولار، وفق الصحيفة البريطانية.
وبحسب تقارير إعلامية صهيونية، يهدف المشروع إلى «تقسيم» قطاع غزة إلى «مناطق مغلقة» خالية من حركة حماس، مع تولي شركة GDC وشركة «أمنِية» بريطانية، تستخدم قوات خاصة بريطانية سابقة (إقرأ مُرتزقة)، الإشراف على الحركة بين هذه المناطق.
كما تحدّث كاهانا لوسائل إعلام مؤخرا قائلاً: هؤلاء هم (جنود القوات الخاصة البريطانية, إنهم يعرفون ما يقومون به). هؤلاء أشخاص قاتلوا «الإرهاب» طوال حياتهم.
وأضاف: إذا حدثَ شيء، سنُبلغ سكان غزة بالرسالة التالية: «لا تُحاوِلوا العبث معنا", سيفهمون أن هناك «قائدًا جديدًا في المدينة».
في حين يُقصَد بـ«المناطق المُغلقة» مناطق أو مُجمعات سكنية, خاضعة للرقابة مُحاطة بأسوار أو حواجز، ويتم التحكّم في مداخلها ومخارجها من قِبل شركات أمن خاصة، ويقتصر الدخول والخروج على السكان المُصرح لهم فقط. أما كاهانا ــ تقول الصحيفة ــ الذي بدأ حياته المهنية كـ"سائق تاكسي» في نيويورك، فقال انه «لن» يذكُر اسم الشركة الأمنِيّة البريطانية المعنية, حتى «يتم توقيع العقد».
نحن إذا أم جيش نازي ورجال أعمال يهود ومُرتزقة بريطانيين, أحال إليهم مجرم الحرب نتنياهو. عطاء تحويل الـ«365 كم2», بما هي كل مساحة القطاع المُدمر والمنكوب, وغياب البنى التحتية والافتقار الى كل أسباب الحياة, الى سجون ومعتقلات في الهواء الطلق, محاطة بأسلاك شائكة وأبراج حراسة وإضاءة تُعمي الأبصار, يتولاها نفر من القتلة الساديّين المأجورين الذين يرفعون شعار (خُلِقتُ لـِ«أَقتُل»).
kharroub@jpf.com.jo