دعوني أتخيل أنني «مستثمر أجنبي أو عربي»؛ فماذا أريد كي استثمر بالاردن؟
الأمر بسيط جداً ولا يحتاج كما يقول المثل «الذهاب للقاضي» فما احتاجه من الحكومة والمعنيين لا يتعدى سوى أن تكون هناك جهة تُعنى بحل مشاكلي وتتابعها دون مراجعة أحد آخر، فهل نستطيع تقديم هذا لهم؟
المستثمر قبل ان يذهب لاي دولة بهدف الاستثمار يراجع القوانين والاجراءات فيها ويسأل عن كل ما يتعلق باستثماره، وهنا سنجد ان «قانون البيئة الاستثمارية» لدينا من أفضل وأجود القوانين بالعالم واكثرها مرونة بعد معالجة رؤية التحديث الاقتصادي لكافة مواطن الخلل بالقوانين السابقة؛ ما يعني ان المشكلة ليست في القانون والتشريع ولن تكون، فالمشكلة تكمن في التفاصيل وعلينا الاعتراف بها.
انا شخصياً لم التقِ مستثمراً ورجل اعمال عربياً واجنبياً إلا واشادوا بقانون «البيئة الاستثمارية» في الاردن، معتبرينه من اكثر القوانين تطوراً ومتماشياً ومواكباً للمنافسة العالمية والاقليمة، الا أنهم وللاسف يشكون من مزاجية التعامل وعدم المسؤولية بالتعاطي مع مشاكلهم ومتابعتها وتعدد المرجعيات و"الجهات الرقابية» التي لكل منها قانون وموظفون ومتطلبات.
ليس هذا فحسب؛ حيث حدثني أحد المستثمرين أنه قام بتوظيف «متتبعي معاملات» لمتابعة معاملاته في الدوائر الحكومية ومختلف الجهات ناهيكم عن محاولات التعطيل من قبل البعض، القليل، عديمي المسؤولية وصغار النفوس الذين للأسف يعكسون صورة غير ايجابية عن مجتمعنا، وهنا اسأل لماذا لا نزال نعلق الفشل بالقوانين ولا ننظر للتفاصيل، والأهم ماذا نستطيع أن نفعل؟
اقترح على هذه الحكومة، التي من الواضح ومن المعطيات الأولى لعملها أنها تركز على جذب الاستثمارات وحل كافة المعيقات التي تقف أمام جذبه وتعزز من مكانة المملكة كوجهة استثمارية في المنطقة، أن تقوم بتأسيس وحدات تعنى بمتابعة شؤون المستثمر في كل وزارة ومؤسسة وبلدية ترتبط مباشرة بوحدة تُعنى بتتبع شؤون المستثمرين في رئاسة الوزراء ووزارة الاستثمار مثلاً.
مهمة هذه الوحدة تكمن في ايصال «شكاوى ومعاملات» المستثمر الى العاملين في وحدات الاستثمار المنتشرة بالوزارات والمؤسسات والبلديات في المملكة والتي بدورها ستعمل على حلّ هذه المشكلات وإنهاء معاملات المستثمرين بعيداً عن الاحتكاك ببقية الموظفين، وتُعنى باستقبالهم في حال المراجعة الشخصيّة ومعاملتهم بطريقة لائقة وبنفس معاملة البنوك للمودعين والعملاء الكبار.
خلاصة القول، الأردن يمتلك أفضل التشريعات الناظمة للعملية الاستثمارية ورؤية تحديث اقتصادية مميزة ويوجد فيه مئات لا بل آلاف الفرص الاستثمارية غير المستغلة وبمختلف المناطق والقطاعات ويتمتع بالأمن والأمان وسيادة القانون والاستقرار النقدي والمالي وكل ما يجعلنا الأول بالمنطقة، غير أن علينا معالجة التفاصيل والاهتمام بها وبالمستثمرين الذين هم فرصتنا للمساهمة في التغلب على البطالة والفقر وتحقيق التنمية المستدامة.