تخوض وزارة الطاقة مفاوضات مع 27 شركة طاقة متجددة، تمثلها 16 جهة رئيسة وتحظى بدعم من مؤسسات تمويل دولية، وهذه المفاوضات التي بدأت الشركات تُظهر بعض المرونة، تستهدف إعادة تقييم اتفاقيات شراء الطاقة التقليدية والمتجددة بهدف تحقيق تخفيض مباشر في تكاليف الإنتاج، أو تقديم حلول بديلة تسهم في خفض الكلف، بما يضمن استدامة مالية طويلة الأجل للنظام الكهربائي. وتأتي هذه الخطوة في إطار حزمة إجراءات بدأت الوزارة بتنفيذها منذ عام 2023، حيث نجحت في توفير 60 مليون دينار خلال العام نفسه، مع توقعات بزيادة الوفورات إلى 90 مليون دينار نهاية عام 2024. التفاوض على خفض التعرفة ليس فقط إجراءً مالياً، بل يمثل تحولاً إستراتيجياً يسعى إلى تعزيز استقرار القطاع الكهربائي وتخفيف الضغط على الخزينة العامة، مع تحسين كفاءة التشغيل، خاصة أن هذه الخطوة تأتي في ظل اعتماد 27 % من الكهرباء في الأردن على مصادر متجددة، ما يتطلب تحسين إدارة هذه الموارد لتحقيق أقصى فائدة ممكنة بأقل تكلفة. من منظور اقتصادي، هذه الخطوة تخلق تأثيراً إيجابياً مزدوجاً، فمن جهة، يؤدي خفض التعرفة إلى تخفيف الأعباء المالية على القطاعات الاقتصادية المختلفة، مما يعزز تنافسيتها ويحفز نموها، ومن جهة أخرى، فإن تحسين الشروط المالية يضمن استمرار استثمارات شركات الطاقة المتجددة، التي تُعد جزءاً حيوياً من المنظومة الاقتصادية، خاصة مع دعمها من جهات تمويلية عالمية. وهذا التعاون بين الحكومة والمستثمرين يخلق بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة، ما يُسهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات المستقبلية في قطاع الطاقة والبنية التحتية. على الصعيد الفني، يتيح خفض كلفة إنتاج الكهرباء تحسين كفاءة الشبكة الكهربائية من خلال استثمار الفوائض في تطوير البنية التحتية وإدخال تقنيات حديثة، وهذا التطوير يُعزز من قدرة الشبكة على استيعاب المزيد من الطاقة المتجددة بكفاءة أعلى، مما يجعل الأردن أقرب إلى تحقيق طموحه بأن يصبح الأول عربياً في التزود الكهربائي المستدام، كما أن تحسين الكفاءة التشغيلية يسهم في تحسين مستوى الخدمة للمستهلكين، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات، ويعزز من استقرار الشبكة على المدى البعيد.
أما من الناحية القانونية، فإن مراجعة الاتفاقيات تهدف إلى تحقيق التوازن بين مصالح شركة الكهرباء الوطنية والشركات الخاصة، بما يضمن استدامة المشاريع القائمة وتوسيعها في المستقبل، وهذه الخطوة تضمن توافق العقود مع أفضل الممارسات العالمية، وتعزز من الثقة بين الحكومة والمستثمرين المحليين والدوليين، كما أن الوصول إلى حلول توافقية يسهم في تجنب أي نزاعات قانونية قد تعرقل سير الاستثمارات، ويؤسس لإطار تنظيمي أكثر مرونة واستقراراً. في المحصلة، يمثل نجاح هذه المفاوضات نقطة تحول مهمة في قطاع الطاقة الأردني، حيث ينعكس إيجابياً على الأداء المالي لشركة الكهرباء الوطنية، يعزز الاستقرار المالي للحكومة، ويخفف الأعباء على المواطنين، وهذا النجاح سيضع الأردن في موقع ريادي إقليمياً في مجال الطاقة المتجددة، ويدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما يضمن بيئة اقتصادية أكثر استدامة وكفاءة في المستقبل.