بقلم: أوس حسين الرواشدة
منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، ازدادت ضغوطات الحياة على الشباب بصفةٍ خاصة، سواء أكانت تلك الضغوطات تتمثل بصعوبة وجود عمل مناسب، أو تأخر سن الزواج إلى ما يقارب الثلاثين، أو حتى صعوبة الدراسة والتي لا تتمثل فقط بالجانب الماديّ وإنما أيضا تتمثل بصعوبة اختيار تخصصٌ يُناسب عقل الشاب وقدراته وطموحاته، من الأهل إلى الأصدقاء إلى مجتمع كامل، يواجه الشباب ضغوطات نفسيّة وجسدية أخرجتهم من لوحة الشباب الملوّنة إلى أرض الشيخوخة الجرداء.
فيما مضى - في حقبة القرن العشرين - كان الشباب سواسيةً فيما بينهم، لأن الفقر كان يَعمّهم جميعا باستثناء فئةٍ قليلة لا تكادُ تزيد عن عدد أصابع اليد ، فكان الغنيُّ حينما يلتقي أقرانه الفقراء كان هو الغريب بينهم ، فيُجبَرُ على التخلي عن عنجهيّة الأغنياء وكِبرهم ، لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه ، ما يزال الفقر منتشرا في بلدنا ، فأين ذهبت المساواة بين الشباب؟ - على الصعيد الماديّ على الأقل - ، فقد تحوّل الفقر من دافعٍ إلى الوصول إلى أعلى المراتب العلميّة والاجتماعية والمادية ، للتخلص من ردائه الرثّ ، إلى عيب يقتل صاحبه في أي مكان ، فيكون الفقير شخصا مشوّها ، ينقصه عضوٌ ليستطيع العيشَ في مجتمعه ، فيبحث الشباب الفقير إلى أسرع طريقة تضمن لهم التفوّق المادي ليتخلصوا من نظرة المجتمع لهم ، وغالبا ما تكون تلك الطريقة فاسدة.
ينصُّ الدستور الاردنيّ على أن سِنّ الزواج الرسمي هو ثمانية عشر عاما وفي تعديل برلماني أصبح من الممكن الزواج من سِن الخامسة عشرة في بعض الحالات الخاصة.
في إحصائية لعام ٢٠١٥ ارتفع سن الزواج إلى الثلاثين في أقلّ تقدير - مع مساعدات الأهل وقروض البنوك بالتأكيد - ويُعزى ذلك إلى انتشار البطالة بشكل كبير بين الشباب الأكاديمي الذي أمضى قُرابة الخمس عشرة سنةٍ من عمره بين التعليم المدرسي والجامعي على أقل تقدير ، وذلك يكون بفضلِ اختيار التخصص الخاطئ لمعظم الشباب ، ليرضى المجتمع على الأهل - والله ابنها دكتور أو مُهندس - ، فيغدو المجتمع بنظرته هو الحاكم في أمر الشباب والقاطعِ أعناق أحلامهم فقط بنظرة.
قبل بضعةِ أعوام، حدّثني صديقٌ لي عن شارعٍ يوجد في العاصمة عمّان، يُسمّى شارع الثقافة، بمجرد سماعي لاسمه، رسمت له صورة جوهريّة في ذهني، شارع ثقافي يحتوي على مسرحٍ وطنيّ يعرض قضايا وطنيّة مهمة ، متاجرٌ تبيع الكتب بأسعار رمزية، لوحاتٌ وثقافات منتشرةٌ في الشارع على امتداد البصر ، فذهبت إليه حاملا تلك الصورة معي ، فصُدمتُ بشارع ثقافة بلا ثقافة ، بعدد من المطاعم ذات الاسماء الأجنبية بكثرة ، ومقاهٍ ومتاجر لبيع الألعاب الإلكترونية، فكأنّ تناول الطعام ولعب الورق في المقاهي أصبحت ثقافة شبابنا.
كل تلك الضغوطات على الشباب ، يزيد ثقلها مايكروسكوب المجتمع واهتمامه بالشكليّات ، اختيار ام اجبار للشباب ، اترك الرأي للقارئ الكريم .