يدرك الأردن ومنذ أمد بعيد أن ما تواجهه وكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الاونروا» ليس مجرد عجز مالي، بل هي أزمة سياسية في واقع الأمر، واجهتها «مالية»!
ومن هنا كانت جهود الاردن ومنذ اعلان الولايات المتحدة الامريكية وقف الدعم المالي عن «الوكالة» بالتواصل مع الدول الشقيقة والصديقة، والعمل الجاد والدؤوب لانقاذ الوكالة، وقد أثمر ذلك بالفعل في العام الماضي 2018 عن تخفيض العجز المالي للوكالة من 446 مليون دولار، الى أقل من 20 مليون دولار امريكي.
في هذا العام 2019 العجز المالي الذي ستواجهه الوكالة حتى الآن، في حدود الـ 200 مليون دولار، ولكن الأخطرالذي قد تواجهه الوكالة هو تصفيتها «سياسيا»، لأن وقف الولايات المتحدة لدعمها المالي للوكالة يأتي انطلاقا من موقفها السياسي المنحاز بالكامل في عهد ترامب للخطط الاسرائيلية، والمتماشية مع الخطوط العريضة لما يسمى بـ «صفقة القرن»، وفي مقدمتها الغاء حق العودة للاجئين، والاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، مرورا باعتراف اميريكا بضم اسرائيل للجولان، والحديث الدائر عن قرب اعتراف اميريكا ايضا بضم اسرائيل للضفة الغربية وبالتالي (تصفية القضية الفلسطينية والقدس واللاجئين) وطي صفحة حل الدولتين، ولن يعود هناك من ملفات تبحث في «الحل النهائي» التي تقوم ادارة ترامب بإنهائها على أرض الواقع وبما يرضي السياسات الاسرائيلية المغتصبة، خاصة في مرحلة ما بعد الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة.
الاردن وفي مواجهة كل ذلك حضر يوم أمس الجمعة الحوار الاستراتيجي في العاصمة السويدية ستوكهولم، لبحث سبل حشد الدعم السياسي والمالي لوكالة «الاونروا»، وبالتعاون مع السويد، وحشد من الدول والمنظمات الشقيقة والصديقة الداعمة لقرارات الشرعية الدولية، واستمرار الوكالة بدورها وفقا لتكليفها الاممي، لحين حل قضية اللاجئين وفقا للقرار 194.
الأردن، وفي سياساته الخارجية بجهد جلالة الملك، ومتابعة الحكومة ممثّلة بوزير الخارجية، يحقق نجاحات في مواجهة تسارع المطامع الاسرائيلية في المنطقة بدعم امريكي غير مسبوق، وقد حقق الأردن انتصارا هاما أمس الأول، حين أقر المجلس التنفيذي لليونيسكو في دورته 206 القرار المتعلق بالقدس بالاجماع، والذي تم بموجبه مطالبة اسرائيل بوقف انتهاكاتها في الأقصى والقدس.
بيان اجتماع «ستوكهولم» أمس انتصار آخر للجهود الاردنية المتواصلة، ليس فقط في سبيل انهاء أو تقليص العجز المالي للوكالة لتحقيق التنمية المستدامة لما يزيد على 5.4 مليون فلسطيني في مناطق العمليات كافة، بل للابقاء على وجود الوكالة ودورها، وأهمية برامجها كعنصر لتحقيق التنمية والاستقرار والامن في المنطقة، لحين تحقيق حل عادل ودائم لقضية اللاجئين وفي اطار حل شامل للنزاع الفلسطيني الاسرائيلي على أساس حل الدولتين.
المشوار لم ينتهِ بعد ونأمل أن يتواصل النصر الدبلوماسي خلال الفعاليات الرفيعة المستوى المقبلة، والتي سيتم عقدها في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الدستور
«ستوكهولم».. دعم سياسي بمواجهة العجز المالي لـ«الأونروا»
مدار الساعة ـ
حجم الخط