* أ.د. عدنان المساعده
عندما نتحدث عن مسيرة مليكنا المفدى... حادي الركب في أردن أرض العزم، نستذكر يوم الثلاثين من شهر كانون الثاني من عام، 1962حيث زفّ جلالة راحلنا وسيدنا حسيننا العظيم الى الشعب الاردني بشرى مولد أمير هاشمي بقوله "مثلما أنني نذرت نفسي، منذ البداية، لعزة هذه الأسرة ومجد تلك الأمة كذلك فإني قد نذرت عبد الله لأسرته الكبيرة، ووهبت حياته لأمته المجيدة، ولسوف يكبر عبدالله ويترعرع ، وحين يشتد به العود ويقوى له الساعد، وعندها سيعرف عبدالله كيف يكون كأبيه، الخادم المخلص لهذه الأسرة، والجندي الأمين، في جيش العروبة والإسلام"
لقد نشا الشبل الهاشمي في طفولة تربى فيها على الفروسية والجندية والشجاعة والاقدام، وغرست فيه قيم التواضع الكبير ومحبة الخير والصدق والتفاني في العمل. وأذكر هنا، فعندما اصطحب جلالة المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه الشبل الهاشمي الأمير عبد الله الى احدى تشكيلات القوات المسلحة في الستينيات حيث خاطب جنودنا البواسل في كلمة جامعة لكل معاني الوطنية والقومية والانسانية بقوله "اني نذرت عبد الله لخدمة شعبه وأمته" فبورك هذا اليوم سيدنا وقد نذرت نفسك لشعبك وامتك بصدق وايمان الرجال توصل الليل بالنهار من اجل نهضة اردننا الغالي والدفاع عن قضايا الامة ولم تغب قضايا الامة لحظة عن فكر جلالته وفي مقدمتها قضية فلسطين لينال الاشقاء الفلسطينيون حقهم في اقامة دولتهم على ترابهم الوطني في فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وكان المدافع الصلب عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في كل المحافل الدولية مخاطبا المجتمع الغربي بحجة قوية ولسان عربي مبين... بورك هذا اليوم من عمركم المديد يا سيد الدار ويا عميد البيت.
ان هيبة الوقار المضيئة حكمة ورحمة وقوة وتواضعا وحلما، كلها صفات النبلاء والقادة الذين يرسمون طريق الحرية والكرامة لشعوبهم وبناء مستقبل الاجيال، بعزيمة الرجال الذين لم ولن تنل لهم قناة....في هذه المناسبة الغالية على قلوب ابناء الاردن من اقصاه الى اقصاه الذين يجددون مسيرة الولاء التي لم ولن تنطفيء جذوتها ونحن نتفيأ تحت ظلال الخيمة الهاشمية الكبيرة التي ضمت كل فسيفساء الوطن في بنيان متماسك مرصوص تلتقي هذه الفسيفساء الجميلة والمتماسكة على ثوابت ومنذ بدء تأسيس الامارة والى اليوم وفي المستقبل الواعد والمشرق باذن الله تلتقي على الإنتماء لوطن أردني عربي حر أحببناه وعشقنا ثراه وتغنيننا بزيتون وقمح سهول حوران وشيح المفرق وقيصوم معان، كما تغنيننا في روابية وهضابه وسهوله ووديانه ....تجمعنا سماء هذه الارض المباركة وننظر للعلياء والقمم بشموخ قلعة الكرك وعجلون ومؤاب ومجد مؤتة واليرموك ورسوخ الشراة وشيحان وتل اربد وجلعاد....تلتقي هذه الفسيفساء الجميلة على الولاء للعرش الهاشمي الحكيم وتبارك لقائدنا المفدى عيد ميلاده السابع والخمسين الذي يشع القا وبهاء ونورا لمليك نذر حياته عطاء وصدقا لشعبه وامته تحرسه عين الله ويحيط به شعب وفيّ وجيش أردني مقدام لتشكل زوايا المربع الله ومن ثم الملك والشعب والجيش لوحة راسخة في العقل والوجدان والضمير لبناء الاردن الوطن الأغلى والأبقى والأنقى.
نعم ياسيدي، نستذكر في هذه المناسبة قيادتكم الحكيمة والشجاعة لمسيرة اردننا العالي في كافة المجالات، وكنتم بحق القائد والاب والاخ ترسم درب المستقبل وتسير على طريق الخير والعمل والعطاء والانجاز. وكانت رسالة عمان التي اطلقها جلالته في عام 2004 جامعة مانعة مدافعا عن دين الاسلام السمح في كل المحافل الدولية بلسان عربي مبين ولغة قوية تخاطب العالم الغربي ادراكا من جلالته ان الاسلام تعرض لحملات التشويه والافتراء غير المنصفة من قبل هجمات مسعورة وشرسة ضد الاسلام ممن يحاولون ان يصوروا ديننا العظيم عدوا لهم، ومن قبل بعض الذين يدعون الانتساب للاسلام ويقومون بافعال غير مسؤولة باسمه، ومن خلال هذه الرسالة التي بيّنت صورة الاسلام الوسطي دين الرحمة وابرزت الصورة الحقيقية المشرفة للاسلام، ووقف التجني عليه ورد الهجمات عنه، الذي يرفض التطرف والافكار الظلامية، وهو دين العقل والمنطق والحرية والتسامح، دين يستوعب النشاط الانساني كله، ويصدع بالحق ويكرم الانسان ويقبل الآخر.
كما كانت الاوراق النقاشية التي اطلقها جلالة سيدنا بدءا من الورقة الاولى التي حملت عنوان مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة ومرورا بالأوراق الثانية: تطوير نظامنا الديمقراطي لخدمة جميع الاردنيين والثالثة: أدوار تنتظرنا لنجاح ديمقراطيتنا المتجددة والرابعة: نحو تمكين ديمقراطي ومواطنة فاعلة والخامسة: تعميق التحول الديمقراطي والسادسة: سيادة القانون أساس الدولة المدنية والى الورقة النقاشية السابعة: بناء قدارتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة.
نعم يا سيدي، ان ترجمة هذه الاوراق النقاشية الى واقع هو البوصلة الحقيقية التي ترسم معالم النهضة الشاملة، وان التعليم في كافة المراحل هو القاعدة الاساس للنهوض والبناء الحقيقي، الامر الذي يستوجب ان نصدع لتطلعات ورؤية جلالتكم للاهتمام بالتعليم منهاجا ومعلما وطلبة وتحديث كافة الوسائل التي تنهض به وتجعل التعليم متميزا في بلدنا فهذا هو الاستثمار الحقيقي لبناء الاجيال التي تنعكس مخرجاته على جميع مسارات التنمية في أردننا الغالي...وادركتم جلالتكم برؤيتكم الثاقبة أهمية توجيه الحكومات لتتخذ دورها في تقييم وتقويم العملية التعليمية التعلمية، وان ذلك لا تكتمل صورته الشاملة الا بالاهتمام بدور المعلم حيث كانت توجيهاتكم السامية الى صاحبة الجلالة الملكة رانية العبدالله في انشاء اكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين التي تهدف الى تطوير نوعية التعليم وتعزيز التعليم المتميز في الأردن والوطن العربي حيث حظيت هذه الاكاديمية برعايتكم السامية ومتابعة حثيثة من جلالة الملكة رانيا العبد الله، لتكون هذه الاكاديمية التي افتتحت تحت الرعاية الملكية السامية في الجامعة الاردنية لتكون نواة حقيقية لتأهيل المعلمين بصفتهم المحرك الرئيسي في العملية التعليمية وتدريبهم بأفضل الطرق واحدثها تأصيلا وتطويرا وتنمية للقدرات البشرية ليدفع بمسار التعليم الحداثي نحو الامام لنواكب التسارع الكبير الذي يشهده العالم.
سيدي ومولاي، هذا غيض من فيض انجازاتكم وكنتم بحق السند لشعبكم الوفي والنصير للامة كما اراد لكم جلالة راحلنا العظيم الباني وتسيرون على درب الهاشميين الاطهار... أمد الله في عمر جلالتكم ودمتم ذخرا لوطنكم وأمتكم ونقول لجلالتكم بصدق وايمان: كلنا للأردن فداء وعلى درب عبد الله الثاني بن الحسين الملك الانسان نسير بعزيمة ومضاء، وحمى الله الاردن وطن الكرامة والمجد، وحفظ الله جلالة مليكنا المفدى وسمو ولي عهده الأمين. وكل عام وانتم يا سيدي والوطن بألف خير.
*عميد اكاديمي سابق/جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية
رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا