بادر الائتلاف الوطني إلى طلب لقاء مع دولة الرئيس عمر الرزاز انطلاقاً من الشعور العارم لدى الأحزاب بضرورة التشاور في هذه الأوقات الحرجة والاستثنائية التي يمر بها الأردن سواء على الصعيد المحلي أو على الصعيد الإقليمي ، وخاصة الأزمة الأخيرة التي عصفت بالمجتمع الأردني التي أطلق عليها « أزمة الدخان « والتي تحوي مظاهر خطورة واضحة تطال البنية الإدارية للدولة ، وتعطي صورة ليست وردية عن البيئة الداخلية التي تسمح بتسلل مثل هؤلاء الفاسدين إلى الداخل الأردني ، والتي تسمح لهؤلاء بممارسة هذه العربدة التي تسيء إلى الشعب الأردني وتسيء إلى مؤسسات الدولة على نحو من الاستهتار البشع ، مما يهيىء لدحرجة رؤوس كبيرة على إثر تمكن الحكومة وأجهزتها من كشف هذه الأوكار القذرة.
الائتلاف الوطني الذي يريد أن يشكل حالة شعبية وطنية صلبة تعبر عن ضمير الشعب الأردني فقد أراد من خلال هذا اللقاء توصيل رسالة مهمة إلى كل الاردنيين وجميع المواطنين أن الأخطار المحدقة بالوطن توجب علينا جميعا وعلى جميع الأحزاب السياسية والقوى المجتمعية الوقوف مع الدولة في هذه المعركة الشرسة ، وضرورة الانخراط في جبهة داخلية موحدة قادرة على ضرب أوكار الفساد ، وقادرة على الصمود أمام محاولات التخريب وزعزعة الأمن الوطني ، بغض النظر عن درجة الاختلاف والتباين في الأراء والمواقف السياسية والاتجاهات الفكرية ، لأن الوطن أكبر من الحكومات وأكبر من الأحزاب والأشخاص ، فالوطن باقٍ والدولة الأردنية باقية ، والحكومات متغيرة وزائلة ، والأشخاص ذاهبون مهما كانت مواقعهم وأدوارهم ووظائفهم.
بالاضافة إلى الرسالة السابقة المهمة أراد الائتلاف الوطني أن يقدم رؤية مختصرة حول بعض الأولويات على جدول أعمال الحكومة ، تتمثل بضرورة مواصلة مشروع الاصلاح السياسي الحقيقي القائم على تعظيم دور الشعب الأردني في المشاركة السياسية من خلال الأحزاب والقوى السياسية الوطنية ، بالاضافة إلى ضرورة مراجعة المنظومة الضريبية على نحو كامل وشامل بما يحقق العدالة والتوازن المطلوب ، ووضع خارطة الخدمات المجتمعية التي تعتمد معيار العدالة والشمول لكل جغرافيا الوطن بلا استثناء .
طالب الائتلاف كذلك بوضع تشريع للخدمة المدنية بدلاً من الاقتصار على الخدمة العسكرية ، ضمن مشروع حضاري مدروس يحفظ كرامة الأردنيين ويزودهم بالخبرة العملية الحقيقية التي تؤهلهم لممارسة دورهم المجتمعي بكفاءة ، بالاضافة إلى ضرورة تمكين ذوي الاعاقة في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
أما القضية المهمة التي كان لها مساحة جيدة من اللقاء تتمثل بايجاد مشروع النقل الحضاري الذي يخفف المعاناة عن كافة المواطنين وخاصة طلاب الجامعات والمدارس في كل محافظات المملكة ، وبما يؤدي إلى ايجاد بيئة استثمارية ناجحة وجاذبة ، وهذا يحتاج إلى افراد النقل بحقيبة وزارية منفردة قادرة على استقطاب الكفاءات والخبرات الأردنية المتميزة في هذا المجال.
كما تعرض اللقاء إلى الحديث عن ( العقد الاجتماعي الجديد ) الذي ينبغي أن يكون ترجمة لمبادئ الدستور وقواعده في الواقع العملي وضرورة الانتقال إلى ثقافة الالتزام وسيادة القانون ومضامين الدولة الحديثة والحياة الحضارية الملتزمة بقيم الأمة وثقافتها الاصيلة ، ويمكن الوصول إلى ذلك من خلال الشروع بحوار وطني واسع تشارك فيه جميع الأطراف الرسمية والشعبية.
لقد وعد الائتلاف دولة الرئيس أن يقدم برامج عملية وحلولاً مدروسة عن مختلف المسارات ، من أجل الانتقال إلى ثقافة المشاركة والبناء والعمل الايجابي وعدم الاقتصار على ثقافة الشكوى والتذمر والمطالبات عن بعد ، من أجل الاسهام في دفع المجتمع نحو افق سياسي جديد مفعم بالايجابية والأمل وسط بحر التحديات والظروف الاستثنائية الحرجة ، وضرورة التغلب على كل عوامل الإحباط واليأس .
لقد كانت استجابة دولة الرئيس إيجابية ومتفهمة ومقدرة ، ووعد ببذل أقصى درجات التعاون والمشاركة من أجل تحقيق هذه المطالب التي تهم كل أبناء الوطن بكل جدية .
الدستور