يرتبط الانسان بغيره من الناس بعلاقات يسودها الود والاحترام والتفاهم والتعاون ، سواء كانت هذه العلاقات اجتماعية ( اسرية ) او علاقات عمل وتعامل او صداقة او منفعة متبادلة، حيث يجب على الشخص ان يتصف بمحاسن الاخلاق وحسن التعامل والصدق والامانة مع الاخرين والابتعاد عن الانانية والاذية ، هذا كله لتكون هذه العلاقات في نصابها ومكانتها السليمة والصحيحة خالية من المشاكل والشوائب، ولقد حث الاسلام وكافة الأديان على بناء العلاقات الطيبة بين الناس.
حيث ان الرجل هو نفس انسانية مليئة بالمشاعر والاحاسيس والطموح والعزيمة والارادة، وهي التي تقود صاحبها للسعي وراء تحقيق اهدافه وذلك بقدر قوتها وضعفها في نفسه، كذلك الاساليب والسلوك المتبع لتحقيق ذلك الهدف اياً كان ، اي ان هناك احاسيس تندرج تحت قائمة الفضيلة حيث يكون لصاحب هذا الاحساس شعور بالمسؤولية اتجاه كل شيء ولما يدور من حوله ابتداء من اسرته واقربائه ومجتمعه، يقدم ويعطي ويخدم ويساعد بكل طيبة وبعيداً عن المصلحة الشخصية أو المنفعة الذاتية وغير متعالٍ او متكبر، اما النوع الثاني من الاحساس فهو الذي يندرج تحت قائمة الرذيلة ويكون لدى صاحبها الاحساس بالانانية والمنفعة الذاتية والشخصية، يعامل الانسان باسلوب ليحقق مصالحه وهدفه للوصول الى مبتغاه وما ان يصل حتى يدير ظهره لهم بكل عنجهية ويبدأ بالبحث عن آخرين ليصل الى مراتب اعلى وهكذا.
ان هذه الاحاسيس هي اللبنة الاساسية في تحديد قيمة الرجل الاجتماعية فاذا احسن الرجل استخدام احساسه وجعله احساس صادق نابع من بحر الفضيلة وليس من مستنقع الرذيلة فاذا بهذا الشخص يبني مكانته الاجتماعية بصدق مع نفسه ومع الاخرين ، ويصون لسانه من شتم الاخرين بالكلام المعيب ويكون منتمياً لاهله ومجتمعه ووطنه ، وليس سهلاً او رخيصاً للآخرين فهذه القيمة بحد ذاتها شهادة يفتخر ويعتز بها يتوارثها الابناء بحسن الذكر والفعل والعقلانية والحكمة التي كان يتبعها بقراراته وتصرفاته.
ولقد لاحظنا في الآونة الاخيرة ان هناك ازمة بالقيم المجتمعية فكرية وتربوية كثرت فيها المتناقضات والمشاكل والآفات الفكرية ، لاسباب عديدة اهمها تطور التكنولوجيا الحديثة وما وفرته مواقع للتواصل الاجتماعي وما غرسته من افكار غريبة ومنها انحرافية خلفت اضطرابات بالقيم الانسانية والاخلاقية والسلوكية والمجتمعية تكاد تعصف بالمجتمع بكل فئاته ومكوناته ، كذلك انهيار قيم العمل والاخلاص والضمير واحترام الآخرين وشدة المنافسه والاجتهاد بالامور دون حكمة وحب الوطن والمسؤولية والواجب وغيرها من القيم ، مما ادى الى التعثر في كثير من الامور وخلق ازمات مجتمعية ووطنية وإحداث حالة من التخبط يكاد يفقد الكثيرون بوصلتهم ويجعلها فريسة للتيارات المتضاربة الوافدة من خارج الوطن، مما سيخلف تدهوراً في امن واستقرار المجتمعات ، فنحن امام جيل اذا لم نحافظ عليه فانه سوف ينسلخ عن القيم والمباديء الايجابية والاخلاقية ، وستكون الاسر مفككة ومجتمع متناحر ومهلهل ، لذلك فهناك دور كبير على الشخصيات المجتمعية ذات القيم الفاضلة والوطنية لتقوم بدروها وواجبها الوطني لتوجيه ابناء المجتمع نحو القيم والعادات والسلوكيات الايجابية كونهم شخصيات يحتذى بها ولها احترامها لمصداقيتها ، وحتى نبعد شبابنا عن النماذج النمطية للقوالب المتجمدة ليسعوا الى العلم والعمل والعطاء والانتاج والتغيير نحو الافضل بفعل الكثير من العوامل الاجتماعية والتاريخية والقيم الثقافية والاخلاقية للمحافظة على الهوية الوطنية وتعزيز الولاء والانتماء ، فظاهرة التصوير والتسجيل المرئي والمسموع عبر الهواتف الخلوية لبث كلمات شتم وزرع فتنة والتشهير والتنديد والوعيد وتعميمها بكل وسائل التواصل الاجتماعي لهي ظاهرة سلبية توقع صاحبها في منزلقات خطيرة وتسقط قيمته الاجتماعية ، فهناك للتعبير سبل وطرق اكثر تحضراً وللكلمات معاني والفاظ اكثر تلطفاً تكسب الرجل قيمة اجتماعية بعقلانيته واتزانه واحترامه للآخرين.
hashemmajali_56@yahoo.com