بقلم خلود الخطاطبة
مارتن سيرسولا هو رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى الاردن، وهو عرّاب الاصلاحات الإصلاحات الاقتصادية في الاردن مؤخرا، خلفا لسابقته كريستينا كوستيال، فهذا الخبير المالي العريق لا يعرف الا وظيفته ولغة الأرقام ولا تعنيه الأوطان وتضحيات شعوبها، فلا تستمعوا له.
تعديل قانون ضريبة الدخل هو المهمة القادمة لسيرسولا في مفاوضاته مع الحكومة الاردنية في اذار أو نيسان المقبلين، بعد أقل من ثلاثة أشهر على اجراءات اقتصادية صعبة وقاسية اتخذتها الحكومة لسد عجز موازنتها، ضربت في صميم معيشة المواطن الاردني ونالت من لقمة خبزه.
سيرسولا يرى أن 95% من المواطنين لا يدفعون ضريبة دخل ويجب معالجة هذا "التشوه"، والمؤلم في الأمر أن الحكومة توافقه هذا الرأي حيث وضعت وزارة المالية لمساتها الأخيرة على تعديلات قانون الضريبة بهدف توسيع شريحة المكلفين من الأسر والأفراد تحديدا، فهم الملاذ الأخير للحكومات لسد "عجزها" المالي.
واذا أخذنا رأي سيرسولا مجردا، فنجد فعلا ان هناك "تشوها" في قانون ضريبة الدخل لا يصب في مصلحة الحكومة، لكن مقابله هناك "تشوها" في ضريبة المبيعات يجعل من جيوب المواطنين الاردنيين مناجم ذهب سنوية لسد عجز الموازنات، فلماذا لا يتم معالجة التشوهين معا؟.
اذا كانت الحكومة تفكر في توسيع شريحة الأسر والافراد المكلفين في ضريبة الدخل، يجب أن تفكر أيضا في إعادة دراسة ضريبة المبيعات التي يدفعها المواطن الاردني يوميا وليس سنويا على أي سلعة يشتريها أو خدمة تقدم له، وهذا التشوه المتعمد في ضريبة المبيعات لا يمكن ان تجده في الدول التي تعتمد ضريبة الدخل مقياسا لما يقدمه المواطن لدولته.
أعتقد بان الحكومة لو فكرت قليلا، لوجدت أن إجراءاتها العام الحالي أكثر من كافية، ويمكن بعدها النظر بعين الرحمة للمواطن الاردني الذي أظهر وعيا في استجابته لقسوة اجراءاتها الاخيرة، وليس هناك داع للضغط عليه أكثر، من خلال تعديلات على قانون ضريبة الدخل، واذا ارادت اصلاح التشوهات الضريبية ليكن اصلاحا شاملا، وليس اصلاحا يقوم على أساس الجباية لمصلحة الخزينة فقط.
اعتقد بان الحكومة فكرت قبل أشهر في تعديلات قانون ضريبة الدخل، لكنها عادت عنه لتمرير اجراءاتها برفع أسعار الخبز وضريبة المبيعات على قائمة طويلة من السلع، ثم العودة اليه لاحقا، فسيرسولا يراقب الأداء وقد يقطع عنا "الماء والكهرباء" في أي لحظة، اذا لم تستجب الحكومة لارقامه، لكن الاستجابة هذه المرة ستكون أكثر ايلاما.
كنا نتمنى ان تكون هناك تعديلات على قانون ضريبة الدخل، لرفع نسب الضريبة على البنوك والشركات الكبرى، وتشديد اجراءات التحصيل، ومكافحة التهرب الضريبي الذي يمارسه الكثيرون من أصحاب الاعمال والمهن، وليس لتوسيع شريحة المكلفين من الافراد والاسر من خلال اعتماد نفس معادلة الدخل في توزيع بدل الدعم على الأسر.
من يقنع الحكومة بان دخلا بقيمة الف دينار للأسرة و500 دينار للفرد الأردني شهريا، يتطلب منها اخضاعه لضريبة الدخل؟ بلا شك هو سيرسيولا وفريقه، لكن لا تستمعوا له، فنتائج برامج التصحيح الاقتصادي مع سابقية هي ما أوصلنا الى ما نحن فيه.