أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

( بَشَر 64 جيجا )

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

أما إن حللنا الخامة الركيكة لهذا الإنسان الحديث ، فهو إنسان هَشٌّ تهزه توافه الأحداث ، غِرٌّ مُتسرعٌ في إطلاق الأحكام وتحليل البشر والحكم عليهم بمجرد موقف واحد! كيف لا وهو ضحيةٌ برمجيات هاتفه التي تقوم على ( موافق / غير موافق )!

هذا الإنسان يعيش نظاماً أوروبياً قائماً على العزلة بعد أن دَفَنَ في ( كرتونة ) هاتفه الجديد أسس ومقومات الحياة البشرية الاجتماعية وأساليب التعايش مع الآخرين، دَفَنَ الابتسامة الناصعة ، دَفَنَ القضايا العربية والإسلامية التي باتت مملةً ، دفنَ جلسات العائلة والأقارب ، وقد يكون قد دَفَنَ والديه قبل كل شيء ، وأصبح لا يرى الناس إلا حشرات وطفيليات من حوله يقتاتون على كهربائه و ( نتِّهِ )!

أخفى الدنيا وجمالها بقناع الهاتف الذكي ، الذي لا يزوده إلا بالواقع الملويِّ عنقُهُ و( الممكيج ) والمشوه.

أصبح لا يرى وجهه الشاحب الحقيقي الذي وهب نفسه لسلطان التكنولوجيا وأخذ ينظر إلى ال(كاميرا) الأمامية ليجد وجهه وَضَّاء يوسفيَّ الجمال ، وقد نسي أنه وضع خيار (فلترة) الوجه على أقصى حالة ، حيث تتحول الصخور والجبال أمام هذه (الكاميرا) إلى صحراء منبسطة ناعمة الرمال وبجانبها واحة خضراء!

تخيّل لو أن شاشتنا هي الحياة بجميع تفاصيلها ، وأن تواصلنا كان بجلسة حقيقية تتخاطب فيها العيون والإيماءات والخصائص البشرية ، تخيل لو تركنا الأخبار الساذجة التي لا تزيد في ميزاننا سوى الكدر وتقهقر الدافعية والأمل ، تخيل لو أغلقنا هواتفنا لسويعات وجلسنا نتأمل في ملكوت الله في غار الحقيقة والحياة ، صدقني سنحتاج حينها إلى من يزمِّلُنا بالدِثارِ!

مدار الساعة ـ