جمال شتيوي
انتهت البلطجة الجنسية بإغلاق الممر الآمن أمام المغتصبين، بإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات، لم يعد»الأزعر» مسلحا بسيف القانون، ليجهز على ما تبقى من ضحيته، بزواجها كرها، هربا من السجن.
انتصر المجتمع الأردني بإلغاء البرلمان للمادة 308 على «الزعران» الذين يعيثون في الأرض فسادا، سقطت «عباءة « الحماية القانونية عن المغتصبين، وتوقف منح الضحية المغتصبة «كجائزة» لمن يعتدي عليها، لن تظل الضحية مطلية بالعار طيلة حياتها، ستتمكن من الآن فصاعدا التنقل دون الخشية على نفسها من كلاب الطرق.
بعض القانونيين انتقدوا إلغاء المادة المذكورة، ربما لأنهم خسروا إرثا من التخلف القانوني القادم من: «قانون الجزاء العثماني المعدل لعام 1911 ومن قانون العقوبات الفرنسي لعام 1810»، استندوا في دفاعهم عن السباحة خارج المنطق والعقل، إلى أن الإلغاء يحرم الفتاة فرصة الزواج (بالمغتصب)، وتناسى هؤلاء أن المادة السالفة جعلت الخيار الوحيد أمامها أن تكون شريكة في الجريمة ضد نفسها، بحيث تتزوج مغتصبها، لتعيش ذليلة طوال حياتها، موسومة بالعار، وكأنها هي من دفعته لفعل الاغتصاب.
تناسى من ينحازون للمادة 308 أن ألم الضحية يعيش داخلها طوال عمرها، بكل صوره البشعة، يكبر معها في مذلة الاغتصاب، وسيبقى الجلاد أمام ناظريها طيلة الحياة، يذكرها بجريمته البشعة، وكثيرا ما أثبتت التقارير الإعلامية، أن كثيرا ممن تزوجن بالجلاد، حاولن الانتحار وبعضهن نجحن في مسعاهن، وكثيرات منهن ألقيّن على قارعة الطرق، فوات المدة القانونية للملاحقة القانونية التي تتراوح من ثلاثة إذا كانت جنحة وخمس سنوات إذا كانت جناية.
اللجنة القانونية النيابية في مجلس النواب قدمت اقتراحا مفاده بأن يكون للنيابة العامة، «الحق في ملاحقة الدعوى العمومية وفي تنفيذ العقوبة قبل انقضاء 7 سنوات على الجنحة وانقضاء 10 سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج بطلاق المرأة دون سبب مشروع، ويشمل ذلك طلب التفريق بسبب سوء معاملة الزوج» وهذا بحد ذاته محاولة لفتح مسرب جانبي للمغتصب للإفلات من العقاب، فالتعديل المقترح والذي رفضه مجلس النواب، يحول المرأة إلى عطاء محدود المدة ، كما أن المرأة الحرة لا حاجة لها بهذا الارتباط الإجباري برجل أفسد عليها كل أحلامها ومخططاتها. تمديد فترة الزواج الإجباري إلى عشر سنوات، لن تمسح آلام الاغتصاب، ولن تجعل منه شرعيا، وإن بدا كذلك، فالأصل في الزواج حرية الاختيار والإيجاب والقبول في ظروف طبيعية، وليس نتيجة لظروف مجتمعية قاهرة، تتحايل على الواقع، درءا للفضيحة، فليس للضحية أن تخجل من جريمة غيرها، أو أن تساعده جبرا عنها على الإفلات من العقوبة. لن تنتهي جريمة الاغتصاب من أي مجتمع، ومحليا، فإن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للفتاة المغتصبة، أكثر تحضرا من إدخالها إلى خدر مجرم أراد أن يستولي عليها بمنطق «السبي القانوني»، رغما عن إرادتها.
المغتصبون مجرمون بمعنى الكلمة، وحري برجال القانون أن لا يدافعوا عن فعل إجرامي، ينتهك أعراض الناس، وعادات المجتمع وتقاليده، فمن يرتكب أي جريمة يعاقب، ولا يستثنى من ذلك أي كان، وهذا المبدأ ينطبق على المغتصبين وغيرهم.
الرأي