د. علي القضاة
لا شك - من وجهة نظري- أنه قرار غير مقبول على إطلاقه بالنسبة للذكور، لا سيما في أيامنا التي لا يكون ابن هذه السن قادراً على تأمين متطلبات الحياة، حتى لو كان قادراً جسدياً. وبخاصة في مجتمع الحضر، وسكان المدن والأرياف، حيث ما زال الطلبة في الصف التاسع أو أحسن الظروف صف عاشر، وهو بكل تأكيد غير مؤهل لإدارة شؤون بيت من تلقاء نفسه. ربما لا يستثنى هذا السن في البادية وفي حالات معينة.
وبالمقابل يجب أن لا ننسى أن كثيراً من الشباب مرت بهم ظروف خاصة، أو حالات وضعتهم أمام مسؤوليات جسام وتعايشوا معها وحملوا مسؤوليات عائلاتهم والشواهد كثيرة، ولكنه أمرٌ نادر والنادر لا حكم له ولا يمكن تعميمه.
أما سن الخامسة عشرة عند الإناث فلا أظن أنها سن محرجة أبداً، كلنا يعلم أن الأنثى تكون أكثر نضجاً من الفتى، وأنها تستطيع تحمل مسؤوليات وإن لم يكن بالكفاءة نفسها، وفي تاريخنا وحاضرنا من أمهاتنا وأخواتنا وعماتنا وخالاتنا وربما زوجاتنا ما يثبت قولي، وربما تستطيع أنت أيها القارئ / القارئة أن تشير إلى أسماء بعض حالات النجاح في الزواج المبكر، من زوجات وأمهات وسيدات يشكلن قدوة في حياتهن الزوجية، والعائلية والتربوية لأبنائهن.
كما إنه في معظم المجتمعات الغربية التي يقدسها بعض أبناء العرب والمسلمين ويعتبرونها مثال وقدوة في الحرية والديمقراطية، يستطيع الشاب أو الفتاة أن يستقل بقراره وحتى يخرج من بيت أهله منذ سن السادسة عشرة، وبمنتهى الحرية لا يعنفهم أحد ولا يستنكر عليهم أحد أو يطالب بإلغاء هذا القانون.
من وجهة نظري الشخصية فإن القانون هو إتاحة الفرصة للراغبين بالزواج في هذه السن المبكرة وتسمح ظروفهم بالزواج، وبالذات أصحاب الحاجات، وأن كل ضرورة تقدر بقدرها. وأنه هذا السن يصلح للزواج في حالات كثيرة، ولا يجوز أن نحجر على آراء الناس ورغباتهم، بطريقة قد تدفعهم إلى الحرام، فنعود بها إلى المادة (308) المشؤومة.
يا جماعة الخير كانت السن المسموح بها في الأردن 16 سنة سابقاً، وبخاصة للإناث، وتم تخفيضه سنة واحدة فقط إلى سن الـ 15 سنة، وضمن شروط كما يقول القانون:
أتاح القانون للقاضي أن يعطي الأذن بزواج من أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة، إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة وفقاً لأحكام التعليمات.
واشترطت التعليمات على المحكمة أن يكون الخاطب كفؤاً للمخطوبة، وفقاً لأحكام المادة (21) من القانون. وأن يتحقق القاضي من الرضا والاختيار.إضافة للضرورة التي تقتضيها المصلحة من تحقيق منفعة أو درء مفسدة بالطريقة التي تراها مناسبة من طرق التحقق.
ونصت التعليمات أن لا يتجاوز فارق السن بين الطرفين (15) سنة، وأن لا يكون الخاطب متزوجاً، وأن لا يكون الزواج سبباً في الانقطاع عن التعليم المدرسي.
كما ألزمت التعليمات المحكمة بإفهام المخطوبة حقها في اشتراط أي شرط يتحقق لها به مصلحة.
كما اشترطت التعليمات على الخاطبين إبراز شهادة تثبت اجتيازهما لدورة المقبلين على الزواج التي تنظمها دائرة الإفتاء، أو أي جهة يعتمدها قاضي القضاة.
وتنص التعليمات على ضرورة منح الخاطب الذكر الذي لم يبلغ الثامنة عشرة الإذن بالزواج أن يبرز موافقة من قسم شؤون القاصرين في دائرة الإفتاء.
وقد ارتأيت أن أقول رأيي بشكل موجز، واقتبست بعض نصوص القانون والتعليمات اقتباساً مباشراً كي تتضح الصورة للباحثين عن الحقيقية، مع أن نقاشاً واسعاً قد يكون. ولكنني أقول بأن كل كلمة كتبتها لا توافق الشرع فأنا أعتذر عنها وهي عليَّ ردٌ، ثم إن سن قانون لا يعني إجبار الناس على تطبيقه أبداً.
وأخيراً أليس لدينا مجلس نواب معني بسن القوانين وقد أقر القانون. هذه العبارة تحديداً اجعلها بين يدي القراء المقبلين على العرس الأردني الكبير أو الجماعي (الانتخابات) في غضون شهر من الآن؛ وأن لا يختاروا لنا القاصرين، حتى لا نودي بحياة الأردن كل الأردن نحو الهاوية، وعلى الجميع أن يعلموا علم اليقين ما معنى أن تختار الأصلح والأقدر وليس الأقرب.