أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

المهيرات تكتب: عندما يصبح الانتماء جزءًا من المشهد اليومي


الدكتورة رنا محمد المهيرات

المهيرات تكتب: عندما يصبح الانتماء جزءًا من المشهد اليومي

مدار الساعة ـ
ليس الانتماء كلمة تُقال في خطب المناسبات، ولا شعارًا يُرفع في الأعياد الوطنية، بل هو نبض يسري في العروق، إحساس يولد مع الإنسان ويكبر معه، حتى يصبح جزءًا من تفاصيل حياته اليومية. في الأردن، هذا الانتماء ليس ترفًا ولا مجاملة، بل هو فعل يتجلى في صمود الأرض، في ولاء الشعب، وفي راية ترفرف فوق كل مبنى، تروي قصة وطن لم ينحنِ يومًا للعواصف، ولم يساوم على كرامته مهما اشتدت التحديات.
حين يصبح الانتماء جزءًا من المشهد اليومي، فإن الوطن لا يعود مجرد بقعة جغرافية نعيش فيها، بل يتحول إلى كيان نذود عنه بأرواحنا، نحميه في أمنه كما نحميه في هويته، وندرك أن العلم الذي يرفرف أمام منازلنا ومدارسنا ومؤسساتنا ليس مجرد قماش ملون، بل هو رمز لدماء سالت من أجل أن يبقى هذا البلد حرًا، قويًا، عصيًّا على الانكسار. الأردن لم يكن يومًا دولة عابرة، بل كان قلعة شامخة تتكسر عليها كل محاولات العبث بأمنه واستقراره، لأن أبناءه لم يعرفوا يومًا معنى التخاذل أو التفريط.
الوطنية الحقيقية ليست في الشعارات، بل في العمل، في الإخلاص، في الولاء الذي يظهر عندما تُختبر المواقف، عندما يكون الوطن في مواجهة تحدٍّ جديد، وحينها يثبت الأردنيون أنهم أبناء دولة بنيت على الصبر والتضحيات، دولة لا تساوم على عزتها، ولا تقبل أنصاف الولاءات. حين يصبح الانتماء عادة يومية، لا نحتاج إلى من يذكرنا بواجبنا، لأننا نؤديه دون تردد، ولأننا نعلم أن الحفاظ على هذا البلد مسؤولية الجميع، قيادةً وشعبًا، كلٌ في موقعه.
لقد مرّ الأردن بظروف لم يكن لغيره أن يصمد أمامها، لكنه فعل، لأنه لم يكن وطنًا بلا روح، بل كان فكرة عظيمة تجسدت في إرادة قيادته الهاشمية الحكيمة ، في إخلاص جيشه، في صلابة شعبه. في كل مرة حاولت الرياح أن تقتلع جذوره، زادته ثباتًا، لأن هذا البلد لا يحيا إلا مرفوع الرأس، تمامًا كما يحيا علمه في سمائه، شاهدًا على تاريخ صنعه الرجال، ومستقبل سيحمله الأوفياء.
أن يصبح الانتماء جزءًا من حياتنا اليومية، فهذا يعني أن لا نساوم على أمن الأردن، أن لا نرضى له إلا بالمجد، وأن ندرك أن الأوطان لا تُمنح مجانًا، بل تبنى بالعرق والتضحيات. وكما رفع أجدادنا الراية عاليًا، سيبقى كل جيل جديد يحملها، لأن هذا الوطن ليس مجرد مكان نعيش فيه، بل هو الحياة نفسها، ولا حياة بلا كرامة، ولا كرامة بلا انتماء حقيقي، صادق، ومستمر.
مدار الساعة ـ