مدار الساعة - كتب: صحفي عتيق - بطبيعتي المهنية خلال 27 عاما مضت من عمري في كنف مهنة صاحبة الجلالة وما زلت ابتعدت عن نقد او مهاجمة اي زميل سواء كان صحفيا مهنيا او له ميول او متسللا على المهنة حتى مع الاخطاء الواضحة والابتعاد عن الحقائق ومعايير واخلاقيات وادبيات المهنة التي تقتضي سرد الحقيقة كاملة ولا تكتفي بنصفها او اقل من ذلك لمجرد الاستعراض الاعلامي"الشو" او ما يطلق عليه البعض التفحيط الاعلامي دون ادراك لمدى الضرر الذي يلحقه ذلك من جهة اغتيال الشخصيات احيانا دون وجه حق وبعيدا عن الحقيقة ناهيك عن الاضرار التي يلحقها على نطاق اوسع بالمجتمع او بالاداء وحتى بالمزاج العام.
وفي الوقت الذي احترم واقدر فيه دور المواقع الالكترونية باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من منظومة الاعلام الوطني وهي التي لا شك ستقود مسار الاعلام الرقمي وهذا ما يجعلها مطالبة اكثر من اي وقت مضى بتوخي الدقة والمصداقية والحياديّة والنزاهة وألا تضحي بها على حساب كسب الشهرة او تقديم نفسها على انها الاكثر جرأة لان الجرأة دون امتلاك الحقيقة كاملة او تشويهها ستكون لها نتائج على غير ما نشتهي.
لا شك ان التساؤل الذي يطرحه قارئ هذه السطور ما هو المقصود من هذه المقدمة ؟ هل هو هجوم على الصحافة الالكترونية لمن عايش الورقي لاكثر من ربع قرن؟ الجواب قطعا بالنفي القاطع لان التعميم في هذه المسالة لا يستقيم مع الواقع الذي تتصدى فيه الصحافة الالكترونية والاعلام الرقمي لمسؤولياته في اغلب حالاتها ولكن عتبي موجه لمن يقفز عن الحقيقة للتفحيط الاعلامي والاستعراض.
وحتى لا ادخلكم بدوامة تساؤلات اخرى فان ما استفزني لاقحام نفسي في كتابة هذه السطور هي قصة حدثت مع رئيس مجلس النواب الحالي المحامي عبدالمنعم العودات عندما اعترضه أحد المواطنين الغلابى عند خروجه من القبة بعد جلسة لمجلس النواب طالبا منه المساعدة لضيق ذات اليد والحال وتفاعل العودات مع الرجل ووعده بالمساعدة وطلب منه ان يعطي رقمه لمدير مكتبه كونه كان على عجل لامر وعمل رسمي في مكتبه وقال للرجل بالحرف الواحد "على راسي" ليخرج علينا احدهم على مواقع التواصل ويصور الواقعة على انها تعال من رئيس المجلس على المواطن وعدم احترام وتقدير له ولحاجته رغم ما يعرف عن شخصيتة من ادب وتواضع جم.
ولاننا تعلمنا وتتلمذنا على ايدي اعمدة الصحافة الوطنية -الرحمة لمن غادرنا منهم والصحة والعافية لمن ما زال بيننا- استفزني ما نشره هذا الموقع فغصنا في البحث عن الحقيقة لنجد انها مغايرة تماما فقد اتصل مكتب رئيس مجلس النواب بالمواطن وقال له لا تغادر فرئيس المجلس سيستقبلك بعد ان يفرغ من عمل رسمي مجدول ليقف على حاجتك وطلبك وهو ما تم بالفعل حيث استقبله رئيس المجلس بمكتبه وسمع حاجته وشكواه وقام بتلبية حاجته المحقة.
بالتاكيد هذه القصة نموذج لعدد هائل من الاخبار والمعلومات غير الدقيقة والمغلوطة عبر المحتوى الاعلامي المتدفق والتي لتحتاج للتمحيص والتدقيق وان يكلف كاتبها أو صانعها نفسه عناء البحث عن الحقيقة لانها في النهاية هي الغاية الأسمى لمهنتنا بعيدا عن الدفاع أو المجاملة لاي شخص في موقع المسؤولية.