عَمن الأشياء التي حَدَّدَهَا رَبُّ العالمين لكل مخلوق من مخلوقاته هو عمره في أجزاء من الثانية وعدد من الثواني والدقائق والساعات والأيام والأسابيع والأشهر والسنوات وفقاً لم يعيشه كل مخلوق في هذه الحياة الدنيا.
فعيَّن الله عدَّادين لعمر كل مخلوق عدادٌ عند الله وعدادٌ في الدنيا وعدادُ الدنيا يزداد ويعد لكل مخلوق عمره في الدنيا مثل العدادات التي صممها الإنسان للمباريات الأولمبية، ولكن شتاَّن ما بين خلق الله وصنع الإنسان. عداد الدنيا كما ذكرنا يزداد في الدنيا وعداد الله ينقص عنده فإذا تساوى عداد الدنيا مع العمر الذي حدده الله لمخلوقه وبلغ عداد الله صفراً يكون كل مخلوق إستوفى حقه من كل ما رزقه الله من كل أنواع الرزق الخاص به ويتوقف العدَّادان ويتوفاه الله ليعود له كما ذكرنا بالتفصيل في مقالتنا يوم أمس الثلاثاء الموافق 12/01/2021. وبعد ذلك يدخل في حياة البرزخ والإنتظار ليوم البعث من أجل الحساب والميزان وإما الفوز بالجنة أو دخول النار، اللهم أجرنا منها. فهناك مخلوقات ستبقى حتى آخر يوم في هذه الدنيا مثل الملائكة والجن وآخر من يتوفاه الله من خلقه هو ملك الموت الذي خلقه الله ليتولى قبض أرواح جميع مخلوقاته. وهناك مخلوقات تعيش لأجزاء من الثانية فقط ومخلوقات تعيش لأيام مثل الورد وهناك مخلوقات تعيش لشهور وهناك مخلوقات تعيش لسنوات عديدة ... وهكذا وكذلك الإنسان فيقول الله في كتابه العزيز (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (غافر: 67)).
فلا يدري الإنسان طبيعة عداده من كم خانة يتكون وكم رقم كل خانه من الخانات نقصد كم عدد خانات أجزاء الثانية والثواني والدقائق والساعات والأيام والأسابيع والأشهر والسنوات من عمره. ولهذا السبب فعلى كل إنسان أن يستفيد من كل جزء من الثانية من عمره في تسبيح الله وحمده وتكبيره وعمل الخير ويحاول ما إستطاع أن يأتمر بأوامر الله وينتهي بنواهيه حتى يُسَّجَلُ في سِجِلِّه أكبر عدد ممكن من الأعمال التي تُرْضِي الله عنه وتكون سيرة حياته في الدنيا حافله من الأعمال الصالحات وترجح كفة ميزانه في الآخرة لصالحه ويفوز بالجنة (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (المؤمنون: 102 و 103)).
يُسَّجِل الله لكل إنسان عند بلوغه سن التكليف كل ما يفعل من أفعال حتى هواجسه وما يخطر على باله من خير أو شر عن طريق الرقيب والعتيد وما زُوِّدَا به من أجهزة ربَّانية معدَّة لذلك وبذلك يكون الله معه دائماً وأبداً ومراقب بكاميرات وحساسات من خلق الله (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الحديد: 4)). وكل أفعال الإنسان مسجله بطريقه ربَّانية ليس كمثلها شيء في الدنيا وتعرض له يوم الحساب كفيديو (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (الكهف: 49)).