كتبت: المحامية حُسن ابورمان
رغم تشديد القوانين المتصلة بالأسلحة وحيازتها ومدى مخالفة الممارسات المرتبطة بها للقانون، إلا أننا لم نجتث هذه الظاهرة، فهنالك ارتباط كبير بين إطلاق العيارات النارية وإحداث الضجيج الذي يرتبط بترويع المواطنين مع تعبيرنا عن أفراحنا بمختلف المناسبات.
وقد ارتبطت هذه الظاهرة بالكثير من الإحداث المأساوية، راح ضحيتها أناس أبرياء قلبت أفراحنا الى حزن، وخسرنا فيها خيرة من شبابنا وأطفالنا وحتى كهولنا، لا ذنب لهم إلا أنهم شاركوا جيرانهم وأقربائهم فرحتهم فدفعوا حياتهم ثمنا تصرفات شاب يستعرض او لمتحمس أهوج.
وهذا يُوجب علينا ضمن مسؤولتنا المجتمعية ان نقف وراء التوجه الملكي والأجهزة الأمنية لنكون صف واحد للقضاء على هذه الظاهرة التي كشفت عن أبشع صورها بالتزامن مع إعلان نتائج الانتخابات النيابة.
فقد صعق المجتمع المحلي والمراقبون حول العالم بالانتشار الكثيف لهذه الأسلحة بمختلف مستوياتها بيد العامة واستخدامها دون ادني شعور بالمسؤولية او خوف من رادع قانوني او حتى أخلاقي، وطرحت الكثير من التساؤلات عن قنوات حيازتها وانتشارها والقدرة على تجهيزها بالعتاد مهما كان نوعه.
ففي الوقت الذي أصرت الدولة الأردنية بمختلف أركانها على تنفيذ هذا الاستحقاق الدستوري رغم الوضع الوبائي المتصل بانتشار فيروس كورونا، نجد ان بعض المترشحين وخاصة من الفائزين بالانتخابات غضوا الطرف او حتى دعموا مناصرهم على زعزعة الوضع الأمني متصل بمحاربة فيروس كورونا واستهتروا بالجهود الحكومية لمنع التجمعات وما رافقها من اختلاط وإطلاق كثيف للعيارات النارية في موقف قد يصل الى درجة التحدي والتمسك بالعصبية القبلية، حتى لو كانت على حساب صحة المواطنين وأمنهم.
وارتكب في تلك التجمعات أفعال مجرمة وفقا لأحكام القوانين النافذة، مثل حمل سلاح دون ترخيص، وإطلاق العيارات النارية، وخرق أوامر الدفاع، وإقلاق الراحة العامة، وتقويض السلم الأهلي وترويع المواطنين، وتصل عقوبات تلك الأفعال الى الحبس لمدة لا تزيد عن سنتين، وفي حال أدى استخدام سلاح ناري أوتوماتيكي الى قتل او جرح إنسان فقد تصل عقوبتها الى الإعدام.
ونعود ونقول بأن جلاله الملك دائما كان ينادي بوقف ظاهره إطلاق العيارات النارية والتصدي لها، وشدد على ملاحقه اي شخص يتجاوز القانون ولا يلتزم بالتعليمات مهما كانت صفته، وعاد جلالته غرد غاضبا من تكرار هذه الحالة وبطريقه فجة وكأننا في ميادين حرب تنهك فيها حقوق الإنسان ويسمح فيها الأطفال باستخدام الأسلحة بموافقة ضمنية من ذويه والمجتمعين.
نقف اليوم خلف جلالة الملك ونعيد وراء سيد البلاد ونقول: لا احد فوق القانون فهذه دولة مؤسسات تحكمها تشريعات عادلة ورادعة، لنمتلك الإرادة جميعا، فمحاربة ظاهرة إطلاق العيارات النارية فرض عين لا فرض كفاية.