مدار الساعة - كتب: نضال العمرو
تحدث جمعٌ نقدرهم ونحترمهم من مسؤولين واعلاميين وناشطين مُختصين حول قضية منصة درسك التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم لدراسة الطلبة الاردنيين عن بعد في محاولة لرأب الصدع الذي نتج عن جائحة كورونا التي يعاني منها العالم من حولنا؛ واستخدمت نفس الفكرة في عديد من الدول العربية علماً انها موجودة مسبقاً في دول أوروبية وتعتمد عليها تلك الدول مع إبقاء التعليم الوجاهي كركيزة أساسية في التعليم.
وأسهب الافاضل في الحديث عن قضايا وشكاوى الطلبة وأولياء الأمور والتي تتعلق في مشاكل تقنية تواجه هذه المنصة وانه دائما ما يتم حلها بعد تواصل ما بين الجهة المعنية في الوزارة والشركة الخاصة التي تتطوع مجاناً لتقديم هذه الخدمة.
لست في صدد ذكر اسم الشركة ولا من زكى التعامل معها؛ ولا اشكك في نوايا أي طرف من الأطراف؛ ولكن سأتحدث هنا عن جزئية مركبة لربما أغفل عنها كل من المسؤول والناشط وايضاً الإعلام؛ وسأبدأ بجزئية التطوع المجاني؛ وهو عمل محمود مشكور لكل من يعمل به؛ الا ان العمل التطوعي دائماً ما ينتهي خلال فترة معينة؛ ومن المستبعد في أي منظومة تجارية خاصة ان يبقى هناك كادر فني او متخصص في مجاله يعمل دون مقابل مادي مدى الحياة؛ وعليه يجب ان يتحول النظام التطوعي المجاني الى عطاء يرسي على الشركة كونها باتت تملك كل أكواد واوامر ومعطيات اللعبة (المنصة)؛ ومن الطبيعي بمكان ان يشعرون بالملل وعدم جدوى الاستمرار، ويسعون (وهذا أسلوب يتّبع) إلى عدم تنفيذ مطالب الوزارة لأنهم لا يتقاضون أي مردود مادي وعلى الوزارة توقيع اتفاق عطاء المنصة للشركة بالمبالغ والفترة والشروط التي يريدونها دون ابداء أي رأي من الوزارة لأن الظرف صعب خلال الجائحة التي تتزايد ضراوتها شيئاً فشيئاً ويجهل العامة ما ستؤول اليه الأمور مستقبلاً.
أما جزئية اختراق الأمن الوطني للأجيال القادمة فهي الكارثة الحقيقية، وتتمثل بأن هناك قيود وأرقام وطنية وأسماء للطلبة وتحصيلهم الدراسي على مدار السنين القادمة ستكون مباحة لمن سيشتري الشركة الخاصة مستقبلاً سواء كان مُطبعاً مع نظام عدو لدولتنا أو العدو نفسه؛ ومن يضمن ان لا تنقل قاعدة البيانات من قبل أحد مرضى الانفس ويسربها حتى وان شمل شروط العطاء المُخطط له بطريقة ما ان لا نقل للقيود هذه والمعلومات الهامة لأي ملكية غير أردنية؛ فحدوث هذا الامر هو بمثابة صفعة للدولة ومصير الأجيال القادمة؛ فإذا ما سربت هذه المعلومات يمكن تسريب معلومات غيرها على منصات أخرى طالما لا سيطرة مباشرة للدولة على إدارة المشهد بالكامل.
والطامة الكبرى أيها السادة تجاهل الوزارة التوجيهات الملكية السامية بجزئية الاعتماد على الذات عنوان المرحلة، وأقصد بذلك عدم اعتماد وزارة التربية والتعليم وعدم ثقتها بكوادرها المؤهلين والقادرين على إدارة المنصة بمنتهى الاحتراف؛ فبمقدور عدد من موظفي تكنولوجيا المعلومات في مركز الملكة رانيا التابع ادارياً للوزارة؛ ومن خلال مختبر بسيط هناك يمكنهم إدارة 15 خادماً (سيرفر) يشملن عدد المحافظات وخوادم الربط الشبكي بالإضافة لخوادم ال Backup وغيرها؛ بالإضافة لتنفيذ كافة متطلبات الحالة من صيانة وتحديثات وترقيات لهذه الخوادم كمرتبات تابعة للوزارة تنفذ الاعمال المنوطة بهم كعمل رسمي موثق ومراقب لا يسمح بأي شكل من الاشكال بفكرة الاختراق الأمني.
وبعيداً عن التشكيك وفكر المؤامرة الدارج هذه الأيام ولا اطعن بوجوب الاخذ به في بعض القضايا؛ إلا ان الإصرار على خصخصة المنصات والعمل من خلال القطاع الخاص بهذه التكنولوجيا دون الاعتماد على كوادر القطاع العام المؤهلة في مرتبات الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة سيقودنا لطريق مجهول لا تحمد عواقبه وعلى المسؤول صاحب القرار ان يسعى لتنفيذ التوجيهات الملكية السامية بالاعتماد على الذات في القطاع العام ولا ضير بشراء الخبرة من القطاع الخاص كعقود لأشخاص لإستكمال المسيرة من داخل مراكز الوزارة بسيطرة كاملة لإنجاز العمل بالصورة الصحيحة التي تحفظ للوطن سلامة بيانات مواطنيه من العبث او التسريب.