بقلم د محمد كامل القرعان
لخص خطاب التكليف الملكي السامي عبر ( مثلث ) الوضع الصحي، والمسألة الاقتصادية، ومحاربة الفساد ، اختبار سياسيا واقتصاديا واجتماعيا صعبا ومهمة مسؤولة لرئيس الوزراء المكلف الدكتور بشر خصاونة، وهي بمثابة انطلاق شرارة الثورة على كل محبطات التراجع ، ودواعي الاسفاف ومعيقات العمل الوطني ، لتبدأ مهمة إخراج البلاد من الأزمات المتشعبة التي تتخبط فيها وبما يطمح به الاردنيون للارتقاء بوضع افضل ، كما نتطلع إلى خطط واضحة تعمل على تعافي الاقتصاد الوطني .
ويترتب على ذلك القدرة على احداث تغير جذري ملموس سواء في الوضع القلق جراء الازمة الاقتصادية وتداعيات وباء كورونا ، أو في علاقة الاردن مع المحيط الإقليمي والدولي وإخراجه من قائمة المديونية المتزايدة فرضت بظروف وتحديات وادارات سابقة .
وسيتضح في الفترة المقبلة مدى قدرة البرنامج الذي سيعلن عنه رئيس الحكومة الجديدة ، في ظل ارتفاع مديونية تتخطى الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وفقدان الكثير من وظائف وفرص العمل نتيجة تداعيات الوباء وتقوية البناء الصحي ، وكذلك مخاطبة المؤسسات الدولية المانحة للدعم ، وجذب المستثمرين العرب والأجانب بعد إعادة الثقة في الاستثمار الداخلي،من أجل إنعاش الاقتصاد.
ويتعين على الرئيس المكلف بناء توافقات مع البرلمان لتنفيذ برنامج حكومته بتشاركية وكظهير سياسي لحل المشكلات التي تواجه البلاد ، ولما لها من تداعيات على العمل الحكومي ، فرئيس الوزراء الجديد شخصية مستقلة لا ينتمي لأي من الأحزاب السياسية المتصدرة للمشهد السياسي ، لكن سيرة الرئيس المكلف تبعث مؤشرات تفاؤل على القدرة على العمل بانجاز ، وبخبرته المتراكمة في العلاقات العربية والدولية والسياسية ، ما تبعث بشيء من الارتياح فهو المُطّلع على جميع تفاصيل هذه الملفات الساخنة مع جميع مؤسسات الدولة وأجهزتها.
ويعتري فئات الشعب تفاؤل حذر بشأن الإنجازات المترقبة، مقابل حالة من الإحباط المتزامنة مع الإصلاح السياسي والاقتصادي البطيء في كل المسارات باعتبار ان الإصلاح السياسي المنشود هو الطريقة المثلى لحماية الأردن من التحديات كافة على حد سواء، والأكثر أهمية الشعور الشعبي بحالة السخط للانطباع السائد عن الفساد المستشري وعدم وجود إنفاق حكومي كاف وسوء توزيعه ، وبإمكان الرئيس الجديد أن يتخذ الآن الخطوات التالية من أجل تجنب والوقوع في أزمات متلاحقة، ودعم إصلاحات ذات مصداقية وإن كانت متواضعة، فإن إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية وديمقراطية متواضعة ستكون دون شك موضع ترحيب بسبب فوائدها الكبيرة وتحسينها لصورة الحكومة على حد سواء ، إصلاحات تلقى استحسان الأردنيين.
وفي الوقت الذي ينبغي احداث التغييرات ذات الطبيعة التي تنادي بها القوى الحزبية والسياسية والنخب ، إلا أنه يتعين على الرئيس المكلف دعم المزيد من الإصلاحات المعتدلة التي تتضمن مراجعة قوانين وسياسات لا سيما قوانين الإعلام والاستثمار والضريبة من أجل توفير بيئة قاطبة وتعديل قانون الانتخابات لزيادة عدد الممثلين المنتخبين من القائمة الوطنية بما يمنح الأحزاب السياسية تمثيلاً أكبر في مجلس النواب.
لذا ضرورة تشكيل حكومة من الخبراء ، قادرة على معالجات أساسية ومنهجية من التحديات و"الملفات الساخنة" التي ستواجه الحكومة الجديدة.
وتتوجه التوقعات بتفاؤل لحكومة الدكتور خصاونة بأن تحمل توليفة جديدة ، من القيادات الشابة ووجوه جديدة ، كفؤة ومتميزة ومهنية وتملك رؤية وطموح ، على النحو الذي وجّه جلالة الملك به في كتاب التكليف السامي، لتكون قادرة على حمل المسؤولية الموكولة إليها بموجب الدستور، ولتكون بمستوى الطموحات وهو ما يجعل الحكومة أمام مسؤوليات عظام ، رسم معالمها وحدد اطرها نحو الإنجاز كتاب التكليف الملكي السامي.