كتب: المحامي محمد مروان التل
لا يبدو أن الرئيس المكلف الدكتور بشر الخصاونة يملك الكثير من الوقت لرسم قواعد الاشتباك مع الأزمات الداخلية والخارجية المحيطة بالمملكة الاردنية الهاشمية - إن لم تَكُن قد رُسِمت مسبقاً -، فالرئيس المُكلف سيدخل ميدان العمل الرئاسي مُحاطاً بتحديات على درجة عالية من الخطورة ولا تقبل انصاف الحلول، بدءاً من ازمة كورونا وتبعاتها الصحية والاقتصادية السلبية والمتسارعة مرورا بالتحديات التي باتت تقليدية ومتكرره كمُكافحة الفساد وإعادة هيكلة القطاع العام، وصولا الى التحدي الرئيس والذي لا شك انه ساهم بتردي الوضع الداخلي مؤخرا وهو انحسار ادوار تأثير الدبلوماسية الاردنية الخارجية، يبدو ان الطريق الذي ينتظر الرئيس المكلف ليس سهلا ومحفوفا بالتحديات.
لقد كان من الصعب تكليف رئيس للوزراء من خارج الدائرة القريبة من صنع القرار السياسي في البلاد، لِعظم التحديات وخطورة الخطأ في ادارتها وفي ضوء وجود أزمات ممتده بحاجة الى شخصٍ عارف لجذورها ومتابع لنموها، ولم تكن تحتمل الظروف الراهنة شخصا جديدا يقوم بدراستها بشكل نظري - لا يملك الوقت الكافي له- وليس بقادر على استحضار تجاربها العملية السابقة فكان الخصاونة الخيار الانسب والأفضل بما يحمل من مؤهلات علمية وتجارب عملية بدأها بأولى محطات الدبلوماسية الاردنية (ملحق دبلوماسي لدى وزارة الخارجية) وانتهت به مستشارا خاصاً لجلالة الملك.
بالرغم من ان كتاب التكليف الملكي السامي جاء بجوهره حول قضايا داخلية أبرزها التحديات الصحية والاقتصادية المتعلقة بوباء كورونا، واستكمال نهج مكافحة الفساد ودعم قطاعي الصناعة والزراعة، وإعادة هيكلة القطاع العام، إلا انه شخّص الرئيس المكلف يُوحي بِثِقَل الملفات الخارجية المُلقاة على عاتِقهِ - وقد يكون عدم اسهاب كتاب التكليف السامي بذكرها عائدا لتغليب المواطن الاردني الهموم الاقتصادية والصحية على الهموم الخارجية-، فالرئيس المُكلف هو سليل عائلة امتازت بالعمل السياسي وهو ابن لأسرة حملة لواء الدبلوماسية الاردنية في محافل عديدة واوقاتٍ حساسة، والرئيس الخصاونة بدأ العمل السياسي الدبلوماسي وهو في ربيع عمره - في الثانية والعشرين - ولعب دورا محوريا في ملفاتٍ مهمة مثل العلاقات الاردنية العربية من خلال تمثيله الاردن في جامعة الدول العربية إضافة الى كونه سفيرا للاردن في مصر، ويُشهد له إِحرازهِ نتائج ايجابية لافِتة في العديد من المحطات التي تواجد بها، والتي انتهت به مستشارا خاصا للملك - قبل تكليفه بتشكيل الحكومة - مما وفر له استيعابا أكبر للرؤى الملكية، وما يميز الدكتور بشر عن غيره من رجال الدولة انه يجمع بين خبرته الدبلوماسية الخارجية الطويلة الى جانب معرفته الواسعة بالشأن الداخلي وتحدياته.
إن سيرة الرئيس المُكلف الدكتور بشر الخصاونة، تبعث الطمأنينة في قدرته على إعادة بلورة علاقة المملكة الاردنية الهاشمية مع النظام العربي المشترك، الذي هو في سبيله للتلاشي وهذا واضح من خلال اعتذار ست دول عربية عن تولي رئاسة الجامعة العربية، مما يعكس حالة التشرذم التي يعيشها العرب وجامعتهم، كما أن سيرة الرئيس المُكلف تعطي إشارات إيجابية حول قدرته على توسيع وتنويع هامش تأثير الدبلوماسية الاردنية، وتعويض ما فقدته بسبب الإجراءات الأخيرة تحت غطاء حل الصراع العربي الاسرائيل، وذلك من خلال إعادة بناء مراكز القوى الدبلوماسية الاردنية وايجاد مراكز اخرى تعزز الدور الاردني في المنطقة، ويتجلى ذلك من منطلقين اولهما قدرة الرئيس الخصاونة وكفائته العالية في العمل الدبلوماسي وثانيهما قدرته على اختيار فريق دبلوماسي غير تقليدي للقيام بالمهام المطلوبة من حكومته.