علقت وزارة التربية والتعليم دوام معظم طلبتها لمدة أسبوعين عدا طلبة الصفوف الثلاث الأولى والصف الثاني عشر، وما يوازيها من مراحل في البرامج الدولية بعد أن وصلت حالات الإصابة بفايروس (كوفيد-19) كورونا إلى حدود دقيقة تشكل معه خطورة على صحة الطلبة وسلامتهم إن لم تتخذ الوزارة قراراً بالتعليق المؤقت إلى حين انحسار التفشي المضطرد لأعداد الإصابات، وفعَّلت الوزارة منظومات التعلم عن بعد والتعليم الإلكتروني عبر منصاتها الإلكترونية وقنوات البث للحفاظ على استمرارية التعليم في كل الظروف وتنفيذًا لالتزاماتها الدستورية وانسجامًا مع العهود والمواثيق الدولية بالحفاظ على حقّ الطلبة في التعليم.
ومذ دخل العالم ونحن معه في عصر كورونا (كوفيد-19) المستجد مطلع العام 2020، كان الأردن في طليعة دول العالم التي تداعت لدراسة سُبل ضمان استمرارية التعليم إن استمرت الجائحة، وهي في هذه المرحلة كما كانت في بداية الجائحة توازن بحكمة بين قضيتي الصحة والتعليم، ولذلك قررت التعليق المؤقت للتعليم في بعض الصفوف مع إطلاقها لمنصة درسك /2 التفاعلية لضمان استمرارية التعليم، وهي المنصة التي أطلقت أساسًا لإدخال طرائق جديدة في تعليم الطلبة وبث روح التجديد في تلك الطرائق وعلى رأسها التعليم الإلكتروني.
لقد كانت وزارة التربية والتعليم أمام خيارات عدة أتاحتها الجائحة بالمزاوجة بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني (عن بعد وداخل الغرفة الصفية) الذي طبق عبر التعليم المتمازج في العام الدراسي الماضي، ولكن المنصة بمواصفاتها في ذلك الوقت لم تمكن المنظومة التربوية من إنجاز المطلوب من أدوار متعددة للإدارة التربوية والمعلمين والطلبة وأولياء أمورهم، فكان لا بد من تصميم منصة درسك /2 التي جاءت في حلة جديدة قادرة على تجاوز عقبات التفاعل بين المعلم والطالب، ومنحت المعلم فرصة حقيقية لإعداد دروسه ومتابعة تعليم طلابه في أثناء وجوده في المدرسة داخل مختبرات الحاسوب المجهزة ؛ للتواصل وإثراء الحصص التعليمية على منصة درسك/2 بالدرجة الأولى، ومن خارج المدرسة عندما لا تتوافر مختبرات الحاسوب وشبكة الإنترنت.
إن عطاءَ المعلمِ لا يُقدَّرُ بثمنِ، ورسالته لها قُدسيَّةٌ خاصَّة، ومهنته من أنبلِ المِهَنِ وأشرَفها؛ وهذا كلُّهُ يضعُنا أمامَ مسؤوليةٍ وأمانةٍ في أعناقنا، والتزام نحوَ أبنائِنا الطلبة قادة المستقبل، ويتطلبُ ذلك مِنَّا تضافُرَ الجُهودِ وشَحذَ الهِمَمِ، ونُكرانَ الذاتِ، فالتعلم المتمازج يخدم مهارات القرن الواحد والعشرين، ويربط التعلم الصفي بالخبرة الحياتية خارج حدود المدرسة الزمانية والمكانية، ويرفع العبء عن المعلم في تلقينه الطلاب للدرس، وتحمل عناء ملل الموقف التعليمي، مُؤمِّنًا التفاعل المطلوب في الحصة، ومخفِّفًا الأعباء الإدارية عن طريق الوسائل الإلكترونية في إدارة الموقف التعليمي وتفريد التعليم والأنشطة المنزلية للطلبة وتقييم العمل، ويمنح المعلم فرصة إدارة المصادر التعليمية المتاحة له بحكمة وذكاء، وعلى المعلم باستخدام مختبرات الحاسوب في المدرسة إنجاز المطلوب من علاقات تدريسية مع طلبته، والسعي المتواصل لتزويد الوزارة بتغذية راجعة عن سير عمل منظومة درسك/2، وحث طلبته وتحفيزهم على التسجيل فيها والتفاعل معها، حيث يمكن للمعلمين والطلبة عبر منصة درسك /2 التي يمكن الدخول إليها عبر الرابط الإلكتروني (Darsak.gov.jo). التواصل والتفاعل الدائم ولا سيما في أوقات الدخول المجانية عن طريق تبادل الوسائط المطبوعة أو الإلكترونية أو المرئية، أو عن طريق التكنولوجيا التي تسمح لهم بالتواصل في الوقت الفعلي (بشكل متزامن). ووجود هذه المنصة يساعد على العمل بنظام التعليم بالتناوب أو التعليم بنظام المجموعات إلى جانب نظام التعليم عن بعد.
إن إطلاق منصة درسك/2 بحلة جديدة وفنيات متطورة تعطي مجالًا للتفاعل بين الطالب والمعلم ولكل عناصر النظام التربوي، وتمنح الطالب حرية الدخول إليها برقمه الوطني واسمه إذا كان أردنيًا، وببطاقته التعريفية إذا كان غير أردني، وتقدم إحصائيات بعدد دخول الطلبة والمعلمين وفرصة تقديم واجبات بيتية وأوراق العمل، والاختبارات التي يصححها النظام تلقائيًا بشكل آلي، وتقدم تغذية راجعة للطالب والمعلم عن مستوى الأداء، وتعزز مبدأ التعلم التفاعلي.
وتمثل منصة درسك/ 2 التي يمكن الدخول إليها عبر الرابط الإلكتروني (Darsak.gov.jo) فرصة حقيقية للطالب لاستمرار التعليم، وهي تتيح للمعلم رؤية علاقاته التدريسية، ويتمكن عن طريقها من تحفيز طلبته ضمن خطط للتواصل والتفاعل يوفرها النظام؛ ما يرفع من دافعية الطالب للتعلم لإكمال دورة التعلم عن بعد بنجاح.
والنظام التربوي الأردني لا يفترض أن التجربة ستكون مكتملة التطبيق ونموذجية منذ البداية، ولكنه يؤمن بأنها تجربة واعدة وستكتمل شيئا فشيئا كالكائن الحي لإدخال مفاهيم التعليم الحديث بالمزج بين عنصري التعليم التقليدي والإلكتروني معًا في الحصة الصفية لدعم تعلم الطلبة. وهنا فلا غنى عن دور المعلم المحوري لإظهار تميزه وفاعليته ومثابرته، فالمعلمُ هو أساسُ التغييرِ وعنوانه الرئيس، ولذلكَ فإنَّنا نُراهِنُ على المعلمين في عمليةِ الإصلاحِ والتطوير نحوَ التغييرِ للأفضل، فلا بُدَّ للمعلمين من الإسهام في قيادةِ النَّهضةِ التعليمية بمختلف تفاصيلها وأدواتها؛ والمشاركة بفعالية عبر المنصة الجديدة بهدف إثراء رحلة طلابهم، وتركِ بصمتِهم في كُلِّ صفٍّ ومَدرسة، وفي بيتِ كُلِّ مُواطِنٍ أردني.