كتب: المحامي محمد مروان التل
لقد شهد الشرق الأوسط موجات عديدة من العقوبات الاقتصادية الدولية بعضها كان بأطر دولية من خلال الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي - والذي زادت صلاحياته في فرض عقوبات بعد اتفاقية (ماسترخت)، وبعضها من خلال الإرادة المنفردة كأتخاذ دولة إجراءات أُحادية الجانب ضد دولة أخرى بواسطة فرض عقوبات اقتصادية عليها.
إن أسلوب العقاب الدولي بأشكاله المختلفة ضروري لتحقيق معادلة التوازن الدولي وحفظ حقوق الأطراف الأضعف، لكن التطبيق الفعلي لنظام العقوبات الاقتصادية الدولية أثبت ان هنالك محاذير إنسانية واقتصادية قد مُسَت، مما يستدعي إعادة النظر بطريقة تطبيقها، فالفلسفة التي يقوم عليها مبدأ العقوبات الاقتصادية ترتكز على توجيهها للفئات الحاكمة على اعتبار انها صاحبة القرار السياسي و الأكثر تأثرا بها، لكن العقوبات التي فرضت على المنطقة بدءًا من العقوبات التي فرضت على العراق عام ١٩٩٠، أصابت شرائح واسعة من المواطنين المدنيين والفئات الفقيرة والضعيفة، وامتدت الى دول أخرى، مما جعل منها عقابا جماعيا اقل المتضررين منه الفئات الحاكمة.
ان أسلوب العقوبات الاقتصادية الدولية فشل في إيجاد حل عملي وواقعي للمشاكل الاقتصادية التي تلحق بالدول المجاورة والمتعاملة مع الدول المفروض عليها العقوبات، وهذا يخالف ما ورد بنص المادة (٥٠) من ميثاق الأمم المتحدة، والتي أعطت الحق للدول التي تتضرر اقتصاديا نتيجة تنفيذها للعقوبات ضد دولة أخرى، ان تتذاكر مع مجلس الأمن بصدد حل للمشاكل الناجمة عن العقوبات المفروضة.
إن الواقع المرير الذي صنعته العقوبات الاقتصادية العالمية على الدول الأخرى غير المشمولة بالعقوبات يستدعي التحرك الدولي للعمل على حماية حقوق المدنيين و الدول الأخرى المتضررة سندا لنصوص ميثاق الأمم المتحدة والتشريعات الدولية، والعمل على إقرار وسائل لحل المشاكل الاقتصادية التي تلحق بالدول الأخرى نتيجة تطبيق العقوبات المفروضة.