ابراهيم حميض يكتب: التعايش مع كورونا

بقلم ابراهيم وليد ابراهيم حميض

في النظر لتاريخ الأوبئة في العالم ،يقول المؤرخون إن للأوبئة نهايتين: طبية، وهي تحدث عندما تنخفض معدلات الإصابة والوفيات. والثانية اجتماعية، وتحدث عندما يتلاشى الخوف من المرض. ويقول الدكتور جيريمي غرين، المؤرخ الطبي بجامعة «جونز هوبكنز» بأنه ( عندما يسأل الناس متى سينتهي الوباء، فإنهم يقصدون النهاية الاجتماعية)

أما المؤرخ في جامعة ييل، نعومي روجرز فيقول : "أعتقد أن الخوف المصاحب للوباء من القضايا النفسية الاجتماعية التي قد تؤدي إلى الإرهاق والإحباط".

ويضيف وقال: "سنصل إلى اللحظة التي يقول فيها الناس: كفى . أريد أن أعود إلى حياتي الطبيعية

اليوم نقول نريد أن نعود للحياة الطبيعية ، والسؤال هل حياتنا التي نعيشها هي الحياة طبيعية ؟ أم هي الحياة السابقة التي عاشها الاجداد والآباء ؟

لو تفحصنا حياتنا اليوم لوجدنا قيما غريبة تحكمنا وهي بعيدة كل البعد عن الحياة اليسيرة السهلة التي كنا نعيشها من قبل فقد غزت مجتمعاتنا قيم الثقافة الامريكية من المادية والفردية والقيم الاستهلاكية ،ولا شك أنها قيم غريبة تنافي القيم العربية الاسلامية التي تنبع من الفكر الاسلامي الذي يقدم الآخرة على الدنيا ويغلب مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد ويرفض إهلاك المال والتبذير والإسراف .

دعوة العودة للحياة الطبيعية دعوة ضرورية ولا بد أن يكون لها صور واضحة بعيدة عن حياة كاذبة واهمة يعيشها انسان اليوم :

العودة للحياة الطبيعية تعنى تقوية مناعة الجسم الذي أضعفه الاكل غير المتوازن والتلوث والوجبات السريعة...والمشروبات الغازية ..

العودة للحياة الطبيعية تعنى المحافظة على الصحة بترك الدخان والأرجيلة التي تشكل خطرا على الفرد والأسرة لا يقل عن خطر كورونا ,

العودة للحياة الطبيعية تعنى رفض الكسل ومنع السهر الذي أرهق الأجسام وأضعف الانتاج وكانوا يقولون نام بكير وقوم بكير وشوف الصحة كيف بتصير .

العودة للحياة الطبيعية تعنى الحركة والرياضة والاشتغال بالأعمال النافعة كالزراعة والأعمال اليدوية

العودة للحياة الطبيعية تعنى البعد عن المظاهر الكاذبة التي جلبت الديون والخسائر لكثير من الناس ليقال إنه سافر وتفسح وأنه احتفل بالقاعة الأكبر وأن زواجه كان اسطوريا

العودة للحياة الطبيعية تعني أهمية حكمة الآباء والأجداد في الاقتصاد وترشيد النفقات والمحافظة على الموارد في استعمال الماء والكهرباء.. وحكمتهم مشهورة:( خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود)

العودة للحياة الطبيعية تعني الوضوء والصلاة والطهارة والنظافة وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ .

العودة للحياة الطبيعية على الدولة أن ترعاها حيث أظهرت الأزمة قدرة أجهزة الدولة على توجيه الناس وتسيرهم وهي قادرة على محاربة الفساد والمحافظة على المال العام ورعاية القيم والأخلاق .

ولا شك أن التبعية الثقافية للنموذج الأمريكي في الاستهلاك والفردية والمادية واطلاق الشهوات خطر على مجتمعاتنا حيث جلب لها الفساد في السلوك والمعاملة والاخلاق ومن ثم ترتب عليه فساد البيئة وانتشار الأمراض والأوبئة قال الله تعالى في القرآن الكريم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}]الروم: الآية41]، فالفسادَ انتشر في البر والبحر- زلازل ،براكين ،أوبئة ،تغير المناخ -، والإنسان هو السبب الرئيس في حدوثه، وهو المُتضرِّر الأول منه ، وفي العودة للحياة الطبيعية النقية رجوع لمنهج الله الذي فيه حياة الفرد والأمة أما اتباع منهج الغرب الذي يرى الوجه المادي للحياة فهو قاصر لن يحقق للانسان السعادة والعجب أنه في هذه السورة سورة الروم يصف الله عز وجل هؤلاء القوم ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون )

ماجستير شريعة