كتب: محمود كريشان
الطايح رايح.. مثل دارج يشير الى ان الطايح من طاح وسقط، والرايح من راح وضاع ولايمكن العثور عليه..ه كذا كان تفسير "عقيل" للمثل الشعبي، الذي حضر في مخيلته، في لحظة كان فيها موغلا بالتشاؤم، مسكونا بقلقه وكآبته المفرطة، للدرجة التي جعلته يفكر جديا بالانتساب الى جماعة (24) الشهر!..
عقيل استعرض المشهد السابق والحالي، وهو المتشبث بانتماءه، يستعرض الوقت الذي كان فيه الخائبون والمرتشون والمفسدون واللصوص بطولهم الفارع يصولون ويجولون، من دون ان يرف لهم جفن، وان من تطاولوا على البلد ورموزه وتم توقيفهم ومحاكمتهم بتهم عديدة منها "اطالة اللسان"، هم الان ينعمون بالمنصب الحكومي الهام "سفراء" ووزراء يمتطون السيارات الفارهة ذات النمر الحمراء!..
تنهد "عقيل" مطولا المشهد، وهو الصابر على فقره وعوزه وهامشيته الجنوبية، وما لحق به من ظلم وتعسف اصابه في صميم قوت اطفاله، ولم يحوله ذلك، الى معارض او حاقد، او مستغل او سمسار او "قواد"..
في لجة الذكرى، قال عقيل في قرارة نفسه: كم كنت جاهلا ومتخلفا.. بل و"طنجرة" يا عقيل، لانك الطايح والرايح وسط هذه الميمعة، التي اصبح الوطن فيها ممدا على دكة الاهواء، والرغبات والمصالح وتنفيع المحاسيب، واسترضاء المعارضين، ولفلفة طوابق الفاسدين، والمفارقة الوحيدة "تطنيش" المخلصين وتجاهلهم باعتبارهم مجرد كومبارس، وشراشيب خرج مثلا!..
في تلك الاثناء حالة توتر ارخت بظلالها على عقيل، الذي تذكر انه في مكان عام والمقهى الشعبي مليء بممتهني الدس والوشاية و"النذالة" الذين تخصصوا بتكفيت رفاق الدرب سعيا منهم للوصول الى المنصب الحكومي..
لذلك عقيل استدرك الموقف وهو المنكوب بغدر الزمان، و"طق لثمة" شماغه، في ظل رؤى مضطربة راحت تعلن حضورها المقيت، وهو يتذكر معاشه الشهري الضئيل، والاجرة الشهرية لمنزله، والديون التي تحاصره، ويتمعن صور اطفاله، المخبأة في واجهة المحفظة الشخصية..عندها انخفض السكري لديه، وارتفع ضغطه، وطاح "عقيل"..سقط وهوى..والطايح رايح في جميع الاحوال!..
Kreshan35@yahoo.com