الكاتب: سلامة الدرعاوي
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها فتح ملف البتراء والأماكن السياحية في المملكة، فخلال السنوات العشر الماضية كان الموضوع مُدرجا على أجندة أكثر من حُكومة لفتح الملف الذي كان يُقابل برفض شعبي عارم
تخوفات الشارع وممثليه في مجلس النواب التي ظهرت في مناقشات مشروع قانون مُعدل لقانون سلطة إقليم البتراء كانت محصورة بشكل واضح في أن التعديل المقترح يسمح بتملك الإسرائيليين في الإقليم، وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا في الشارع وعند كل مؤسسات الدولة المختلفة
ورغم أن تعديلات قانون سلطة إقليم البتراء التي تسمح للسلطة ببيع وتأجير الأراضي لغير الأردنيين مشروطة بمادة منصوص عليها وهي تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على جنسية الدولة التي يرغب مواطنوها بالشراء في الإقليم، إلا أن هذه المادة لا تكفي ولا تحد من خطر تسلل الإسرائيليين الى اقليم البتراء، فالكُل يعلم أن اليهود في العالم والإسرائيليين يملكون اكثر من جنسية، وبالتالي فإن إمكانية التسلل تحت مظلة جنسيات أخرى واردة بشكل كبير، لا بل هذا الذي يحدث دائما ليس في الأردن فقط، وإنما في كُل دول العالم التي يدخل إليها الإسرائيليون تحت حجج الاستثمار، وهنا فإن التخوفات التي أطلقها السادة النواب من تعديلات القانون منطقية للغاية، والرفض الحاصل له طبيعي جدا، فلا يوجد في القانون ما يمنع من اختراق الإسرائيليين لهذه الأماكن السياحية التاريخية التي يعلم الجميع مطامع اليهود فيها، فبين الفترة والأخرى تتعالى أصوات الإسرائيليين والمتطرفين لديهم حول هذه الأماكن التاريخية
واضح انه منذ سنوات وهناك محاولات لإحداث تغيير بنيوي تشريعي فيما يتعلق بالأماكن السياحية في المملكة، فتارة يطرحون موضوعا لإدارة المرافق السياحية في عمان، وتارة يطرحون دور القطاع الخاص في تشغيل المرافق الأثرية، وأخرى بتغيير في تشريع إدارة إقليم البتراء، وجميعها تحت مسميات تشجيع الاستثمار
الكل يعرف أن الإسرائيليين ومنذ فترة طويلة يحاولون الدخول إلى الاستثمار السياحي في الأردن تحت قبعات متعددة؟، فمرة يدخلون عن طريق شركات استثمارية لإنارة إقليم البتراء، وأخرى يدخلون من باب شركات تروج السياحة في البتراء مع أماكن في فلسطين المحتلة، مما يسمح بدخول المتطرفين اليهود والتسلل السياحي والتطبيع القسري في المجتمع
الخطير في موضوع تعديلات قانون البتراء والسماح أنه بات لدينا وكلاء للتطبيع مع اسرائيل تحت أشكال مختلفة، وهذه القوى بات حضورها يزداد شيئا فشيئا، وتتغلغل في مؤسسات الدولة المدنية بشعارات متعددة، مدعومة من مؤسسات خارجية تمولها بالمال وتمدها بالأفكار
اذا كان هدف الحُكومة هو تشجيع الاستثمار في البتراء فهناك عشرات الأفكار والمبادرات التي بإمكان الحُكومة أن تعظم شراكتها مع القطاع الخاص والنهوض بالواقع السياحي في المدينة الوردية وغيرها من الأماكن التي هي بحاجة لخريطة طريق استثمارية مع الأردنيين أنفسهم للمحافظة على خصوصيتها والاستفادة من ميزتها التنافسية التي هي محصورة فيها والإمكانات متوفرة لكن ما ينقصنا هو الإرادة الحكومية الرشيدة في هذا الأمر
الغد