في موضوع شائك مثل التصدي لظاهرة البطالة، ثمة حقائق لا يجوز تجاوزها فهي لا تحتمل التفاؤل والتمني بقدر ما تحتاج الى حسابات دقيقة تبدأ منها أساسيات الحلول
من ذلك أن الاقتصاد الأردني يوفر حوالي 70 ألف فرصة عمل جديدة، لكنه يفقد بالمقابل 30 ألف فرصة عمل، وهذه إحصائية ليست من بنات أفكار الكاتب بل هي مسنودة من مسح مسبق للعمالة والبطالة، بمعنى أن صافي الفرص المستحدثة تساوي 40 ألف فرصة بعد خصم المستحدث من المفقود
إذا أمام الحكومة مهمتان الأولى تعبئة الفرص المستحدثة وإعادة توظيف من فقد وظيفته ناهيك عن الرقم التراكمي للبطالة وهو عند مستوى 19% بمعنى أن هناك 19 عاطلاً عن العمل بين كل مئة لكن من لا يصدقون الإحصاءات الرسمية قرروا أن البطالة في الأردن تبلغ 30% فإن صح ذلك فهذا يعني أن الفرص التي يستحدثها الاقتصاد هي أقل من 40 ألف فرصة أو أن عدد الذين يفقدون وظائفهم سنويا أكثر من 30 ألف عامل
هذه رياضيات بسيطة، لكن في احتساب البطالة الأمور تبدو أكثر تعقيداً، ومن ذلك أن الفتيات العاطلات عن العمل لا يبحثن عن وظيفة لكنهن يجبن عن سؤال الإحصاءات ما إن كن عاطلات عن العمل بنعم، وهكذا بالنسبة للمسجلين في ديوان الخدمة المدنية بينما يعملون في القطاع الخاص، معنى ذلك أن العمل في القطاع الخاص بالنسبة لكثير من الشباب هو بطالة الى أن يلتحق بالقطاع العام والإبقاء على طلباتهم في سجلات الخدمة لا يتسبب في إزدواجية الإحصاء فحسب بل تثبيت النظرة الى القطاع الخاص باعتباره محطة مؤقتة
تخفيف البطالة لا يتم إلا بالنمو الاقتصادي لكن أثره سيحتاج الى دورة اقتصادية كاملة وربما أكثر والحلول المطروحة، مصطنعة قد تظهر بالأرقام لكنها تحتاج لأن تكون مستدامة لتصبح حقيقية
أرقام البطالة تأشيرية تعتمد على رأي عينة فيها نسبة من الخطأ كما أن فيها هامشاً من المبالغة ولا يعيب الأردن أنه بلد مستورد للعمالة فهو أيضا مصدر لها بدليل أن ثلث القوى العاملة الأردنية تعمل في الخارج وإن صح أن عدد العاطلين عن العمل يقل عن عدد الوافدين الذين يقبلون ما لا يقبل به الأردني، معنى ذلك أن المشكلة ليست اقتصادية بل اجتماعية
إحصائياً ليس هناك من طريقة لاحتساب الزيادة في التشغيل سوى رقم الضمان الاجتماعي خصوصاً وأن المؤسسة تجبر الشركات وأصحاب العمل على التسجيل
المعضلة التي تواجهها وزارة العمل أنها لا تمتلك قاعدة بيانات تحدد على وجه الدقة العدد الفعلي للعمالة الوافدة وأن القطاع العام ما زال الوجهة المفضلة للأردنيين ما يجعل القطاع الخاص موئلاً للعمالة الوافد.
الرأي