انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

الرواشدة يكتب: حذارِ من اليأس السياسي

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/02 الساعة 17:13
حجم الخط

أوس حسين الرواشدة
سمعت قبل عدّة أيام على إحدى المحطّات الإذاعية مداخلة تلفونية لإحدى المواطنات ، حيث قالت للمذيع بأنَّ الإجراء الوحيد للقضاء على الأزمة الاقصتادية للدولة هي حلُّ مجلس الأمّة ومجلس الوزراء ، ناهيك طبعا عن وقف العلاوات التي تُضاف على رواتب أعضاء تلك المجلس والمكافئات السنوية وما يُقَدّم لهم من امتيازات وسيارات ، وقد وافقها المذيع على ما تقول ، وأضافت المواطنة قائلة أنّه يجب تخفيض رواتبهم إلى أقل من النصف باعتبار أن عملهم هو تكليف وليس تشريفاً .

ما قالت المواطنة يشير إلى حالة اليأس التي ازدادت عند المواطنين ، ودلالة ذلك استخدامها لفظة " حلّ " المجالس وليس تعديلها بالإضافة إلى موافقة المذيع لها وكأنه لم يجد في كلامها أي شائبة تجعله قابلا للنقد .

إنّ نظام الحكم في الأردن بحسب الدستور هو نيابي ملكي وراثي ، إذ أن النواب الذين يتم اختيارهم بواسطة الشعب هم أساس السلطة ، اذا ما الخلل الواقع الذي يجعل من هذا المجلس ، مجلسا لا يقدر على مساعدة الشعب الذي اختاره ؟ ، في الحقيقة إن فكرة البرلمان بحد ذاتها قادرة على حلّ جميع مشاكل المواطنين ، لكن المشكلة تكمن في اختيار أعضاء هذا المجلس ، صحيح أن الانتخاب هو الطريقة الوحيدة لاختيارهم ، لكن المسؤولية تقع على عاتقنا ، فهناك طبقة لا يُستهان بها من الشعب لا تؤدي دورها السياسي في الانتخاب مع أنّها قادرة على ذلك ، ويُترجم ما تفعله بقول " انتخبت او لا النتيجة واحدة " ، وأعداد كبيرة جدا تنتخب أقربائها او أصدقائها فقط لكي يساعدوهم " كأفراد " في حال نجاحهم ، وفئة ثالثة تبيع أصواتها للذي يدفع أكثر .

إذًا هنا تم التخلي عن مسؤولية الاختيار من قبل الشعب لمصالح فردية لا تعدو كونها إلّا " خراب " عمَّ على الجميع ، وأودى بمصالح الشعب إلى التهلكة .

وبناءً على ما سبق ، يوافق هذا المجلس " غير المستحق " فوزه بالانتخابات على قرارات مجلس الوزراء ، بنفس الطريقة التي وافق الشعب عليه فيها بمنطق " المصالح والمجاملات " ، لتبدأ سلسلة من حلقات عدم الرضا والسخط الشعبي على أعمال الحكومة ، هنا تقع نسبة كبيرة من الخلل على عاتق المواطن الذي لم يوسّع مدى رؤيته واختار مصلحته الشخصية أو الجِهَويّة على مصلحة إخوته المواطنين ، وأراد الفائدة الفورية أو " سريعة المفعول " على الفائدة طويلة المدى .

أنا لا أقول بأن المجتمع على خطأ تام ، لأن الأصل في أعضاء المجالس الحكومية كافّة أن يتمتعوا بالمسوؤلية والمصداقية تجاه الشعب ، مهما كانت خيارات هذا الشعب ، لكن الخطأ مشترك بين من فرّط في حقه السياسي ومن غلّب مصلحته على مصلحة وطنه وبين من باع ضميره واستغل منصبه ونسيَ أنّه صوت الأمة .

اليأس السياسي الذي حصل نتيجة كل ما سبق ما هو إلّا حالة مرضية يجب التصدي لها ، وإن كانت المجالس الحالية لا تعود بفائدة على الوطن ، فإنَّ علينا التفريق بين فكرة هذه المجالس وبأنها تشكّل مؤسسات أساسية في تكوين الدولة والنهوض بالنظام السياسي والتشريعي فيها ( رقابيًا وتشريعيًا ) ، وبين ما تمارسه هذه المؤسسة البرلمانية من خلال أعضائها في اتجاهات خاطئة لا تناسب المطلوب منها شعبينا .

السيدة - ومثلها كثيرون - قالت : " هذه المجالس يجب أن يتم إلغاؤها نهائيا فهي بلا أي فائدة " ، فاليأس هنا تمكن من هذه السيدة لدرجة جعلها تفقد الأمل في ركن أساسي من اركان الدولة وربما بفكرة الديموقراطية ومصداقية تطبيقها أيضا .

اليأس يعني الموت وفقدان الرغبة في الفعل والحركة والتغيير وخوض التجارب من جديد ، فإذا كانت المجالس بلا جدوى حاليا ، فعدم وجودها يعني إلغاء فكرة الانتخاب وربما الديموقراطية والإصلاح إلى الأبد ، وهذا ما يجب نخشاه .

مدار الساعة ـ نشر في 2019/11/02 الساعة 17:13