مدار الساعة - بقلم: عون كاظم الكفيري
يشير مصطلح التربية الإعلامية إلى آليات تحليل المحتوى الاعلامي وقراءة الخبر قراءة تحليلية نقدية، والتعامل الأمثل مع وسائل التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام، بما يتيح للأفراد من فهم الرسالة الإعلامية التي ينطوي عليها الخبر، ومُراكمة معرفة منهجية في مجال التعامل مع مصادر المعلومات والأخبار، وهو ما يعزز قدرات الأفراد على مواجهة تدّفق الإشاعة والأخبار السلبية أو تلك التي تتضمن نزعات كراهية وتعصّب والتحريض على العنف.
ينبغي التأكيد على الدور المتنامي لوسائل التواصل الإجتماعي في توسع قاعدة متلقي الخبر حول العالم، ومع الوقت تحول عدد لا يستهان به من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي إلى صانعي أخبار، أفضى التحوّل من إستهلاك الخبر إلى صناعته لشيوع بدائل مؤثرة لوسائل الإعلام التقليدية تعتمد على أدوات غير معقدة ومراسلين إعلاميين من غير المتخصصين.
باتت منصات التواصل الإجتماعي مساحة لا متناهية في مجال تسويق الأخبار والمواد البصرية الثابتة أو المتحركة، غالباً ما لا تحمل مضموناً محايداً، إن ما يعزز هذا هو سهولة إستخدامها وسهولة الوصول إلى المعلومات، وفي خضم هذا التدّفق المعلوماتي الهائل غدا التنافس محموماً على كسب قلوب وعقول مستخدمي منصات التواصل الإجتماعي.
إزاء مناخات الزخم الهائل في شيوع الخبر والمعلومات والوسائط البصرية، الثابتة والمتحركة، تبرز أهمية شيوع التربية الإعلامية والمعلوماتية بين أوساط مستخدمي منصات التواصل الإجتماعي.
يجدر بنا التوقف مليّا حيال ذلك النمط الغريب من الأخبار الذي إصطلح خبراء الإعلام على تسميتها بـ " الأخبار الزائفة "، وأقصد تلك الأخبار التي تعوزها المصداقية و الموضوعية، والتي غالباً ما تشيع في أوساط غير مؤهلة لتحليل مضامينها والتحقق منها على وجه الدقة، نحن إزاء أخبار إما أنها تتعمد خلط الحقائق بالمعلومات الخاطئة، أو أنها تسعى لحذف الحقائق أو جزء منها عمداً، أو المبالغة وتحميل المعلومات أكثر مما تحتمل، بهدف الإثارة والإستعراض وتشكيل إتجاهات رأي عام ضاغطة ومؤثرة، غير أنها في كل الأحوال لا تعتمد على أخبار صحيحة !
غالباً ما تكثر مثل هذه الأخبار في المجتمعات التي يتدّنى منسوب الشفافية فيها، إذ تقف القيود المفروضة على الوصول إلى مصادر المعلومات حائلاً دون وصول الأخبار بشكل موضوعي إلى متلقيها، فضلاً عن تأثير التقاليد السائدة التي تلعب دوراً حاسماً في ذلك في أحيان كثيرة، هذه الحالات تسمح للإجتهادات في صياغة الخبر وتعميمه، والتي غالباً ما لا تُضمر حياداً وموضوعية، على انتشار الأخبار الزائفة التي لا تستند على أي أساس صحيح.
كما أن الأكثر خطورة هو الجهود المقصودة التي يبذلها الأفراد والمؤسسات والحكومات على تعميم أخبار زائفة بآليات تحرير إحترافية مضللة (بروبوغاندا) من أجل تحقيق أهداف وغايات لجماعات معينة، سياسية أو أقتصادية أو إجتماعية، نحن إزاء نمط من الأخبار المفبركة يعتمد على الصورة والوسائط المساندة التي تنجح في الوصول إلى قاعدة مستخدمين واسعة عبر منصات التواصل الإجتماعي.
إن الهدف من تكريس التربية الإعلامية والمعلوماتية عند أفراد المجتمع هو إكساب المهارات والخبرات لمتلقي الخبر والمعلومة في مجال تحليل المحتوى الإعلامي للخبر والتحقق من مصادره، وتعزيز خبرات الأفراد في مجال تقييم الخبر على وجه الدقة والموضوعية، بما يتضمنه هذا من تطوير لآليات التفكير الناقد، والتعرف على منهجية صناعة الرسالة ونشرها وكسب التأييد، في اطار تدابير تتمثل في البحث عن مصادر المعلومات المحايدة أو الموضوعية، وتحليلها وإنشاء محتوى رقمي غير متحيز يعتمد المصداقية والموثوقية، وبناء تفاعل بين المهارات المكتسبة وأفق تطبيقها على أرض الواقع، في المجتمعات التي يتفاعل فيها الأفراد فيما بينهم .