انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مختارة مقالات مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة

حق النقض (الفيتو) اسقاط للديمقراطية واجهاض للعدالة

مدار الساعة,مقالات,الأمم المتحدة
مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/20 الساعة 20:50
حجم الخط

الدكـتور أشـــرف قـــوقـــزة

بعدما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، تطلعت دول العالم التي عانت ويلات الحرب لوضع حد لأزمات مماثلة في المستقبل تضمن الأمن والسلم الدوليين والتعاون الدولي من أجل إرساء قواعد الديمقراطية والعدالة والتي من شأنها أن تجنب شعوب الأرض و الإنسانية جمعاء المصائب و الكوارث والآلام التي عانتها ابان الحرب العالمية الثانية، وبعد مخاض سياسي دولي تولدت عنه منظمة الأمم المتحدة لتكون بمثابة مظلة دولية لتحقيق العدل ولضمان الامن والسلم الدوليين، غير أن الدول الكبرى التي تمثل اقطاب القوة في العالم والتي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية في تلك الحقبة كانت تتمتع بالكثير من الامتيازات التي رأت بأنها يمكن ان تضيع في ظل وجود منظمة دولية قد تجبرها او تحرجها على الأقل في اتخاذ قرارات تخالف مصالحها، ومن هنا جاءت فكرة استخدام حق النقض أو الفيتو داخل مجلس الأمن، والتي تملكه خمس دول، هي: الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، والذي يسمح بالاعتراض على أيّ من القرارات المقدّمة ودون أدنى توضيح لأسباب الاعتراض والرفض للقرار، وتكمن الفلسفة-حسب ما تدعيه الدول العظمى- وراء حق النقض(الفيتو) في أن تكون قيادة العالم جماعية وأن يكون القرار فيما يتعلق بمسائل مهمة عالمياً غير متروك لمبدأ الأغلبية التي يمكن تأمينها بوسائل غير موضوعية أو لحسابات خاصة منبتة الصلة بالقضية موضوع القرار وليكون إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها تحجيم الانفلاتات وتقليل فرص انفجار الازمات العالمية قدر الامكان.

والحقيقة ان حق النقض (الفيتو) ما هو الا اكذوبة باسم الشرعية الدولية والديمقراطية والعدالة، وهو في حقيقته تعدي صارخ ضد الديموقراطية، وخرق فاضح للعدالة هذا الحق الذى اغتصبته مجموعة ما يطلق عليهم (الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن) والتي لم يتم انتخابها اصلاً، يكرس لشريعة الغاب ويجعل مصير العالم بيد خمس دول يمكن لدولة واحدة أن تلغى ارادة العالم كله، بل بات يشكل غطاء لجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، ومن ثم أصبح الفيتو الذى هو حق لدول يراد به باطل هو سبب لوجود مناخ الكراهية والعداوة والتطرف الذى يصب في مصلحة الارهاب ونشر ثقافة العداء والكراهية في المجتمعات، أرادت الأنظمة الاستبدادية التي سادت العالم في الحرب العالمية الأولى والثانية ان تحكم العالم بالقوة، ومع حق النقض(الفيتو) يحكم العالم اليوم بالفعل وبطريقة أكثر خداع و دبلوماسية، حيث اصبح حق الفيتو هذا سيفاً مسلطاً على الضعفاء باسم القانون الدولي والشرعة الدولية ودعما لمصالح الدول التي تملك الفيتو وحلفائها ومعه أمنت الكثير من الدول مثل اسرائيل شر العقاب، آن الأوان لإعادة النظر والعمل على اصلاح هيكلي لمنظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن واليات عملها، لتكون مؤسسات عالمية ديمقراطية حقيقية وليس زيفاً فالظروف الدولية قد تغيرت والأحوال العالمية قد تبدلت وعليه يجب أن لا يبقى منطق القوة هو الحاكم وان تظل شريعة الغاب هي السائدة فلابد من آليات لتحقيق العدل والسلام والاستقرار في العالم، هذا بالإضافة الى أن الأعضاء الدائمين الخمسة، وهم المنتصرون في الحرب العالمية الثانية، لا يعكسون الحقائق الجيوسياسية الحالية، فبريطانيا وفرنسا لم تعودا من الدول الخمس الأقوى في العالم عسكرياً واقتصادياً، وهو ما يتطلب الغاء هذا الحق او توسيع تمثيل الدول التي تملك حق النقض(الفيتو) وفقاً للمعطيات الدولية الجديدة وايجاد اليات جديدة تعطي الدول الحق في ابطال مفعول الفيتو وخاصة في القضايا التي يكون عليها اجماع دولي لمواجهة التفرد في اتخاذ القرارات الدولية، على ان تعرض قرارها الذي تتخذه و الذي يخوله لها حق الفيتو على الجمعية العمومية للأمم المتحدة لإتاحة المجال لكل دول العالم للتصويت عليه و كأنها برلمان عالمي، وبذلك يتحقق حلم الإنسانية في نموذج ديمقراطي عادل بعيداً عن الشعارات والاكاذيب.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/12/20 الساعة 20:50