خلود الخطاطبة
يقول رئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد محمد العلاف في أخر مؤتمر صحفي، وهنا اقتبس مما نشر في وسائل الاعلام على لسانه "ان المديونية زادت ليس بسبب الفساد وانما لسوء ادارة اقتصادنا"، وأفهم من ذلك بان هناك فساد وسوء ادارة اقتصاد بغض النظر عن النسبة التي يشكلها اي منهما في الأسباب التي أدت الى ارتفاع ارقام المديونية خلال السنوات الماضية بشكل متسارع.
اعتقد أن التشخيص الجريء لرئيس الهيئة كاف لاستنهاض الجهود الحكومية في وضع خطط وبرامج لعلاج كلا السببين، قبل البدء بالتفكير باللجوء الى جيوب المواطنين لسداد العجز في الموازنات الحكومية على مدى السنوات الماضية، رغم اننا ندرك تماما بان هناك اسباب اخرى خارجة عن ارادة الدولة لارتفاع ارقام المديونية ومنها ملف اللجوء بشكل عام واللجوء السوري بشكل خاص والتحديات الامنية في المنطقة.
اعتقد ان ما يدخل في سوء ادارة "اقتصادنا" هو عدم قدرة الحكومات على ضبط ملف التهرب الضريبي التي يصل متوسطها وفق تقديرات ودراسات غير رسمية الى مليار دينار اردني، اضافة الى عدم قدرة الحكومات على ضبط الهدر في البلديات التي تصدرت مشهد الفساد بنسبة 44% من القضايا الواردة في تقارير ديوان المحاسبة ، بعد ان تم تسجيل مخالفات على نحو 30% من أصل 100 بلدية في المملكة بقيمة مبالغ وصلت الى 125 مليون دينار منها نحو 45 مليون دينار تقع ضمن اطار شبهات الفساد و80 مليونا أخرى تقع في اطار التجاوزات الادارية والاجرائية.
كما يدخل ضمن سوء ادارة "اقتصادنا" العجز الحكومي المتواصل عن القدرة على استقطاب الاستثمارات ورؤوس الاموال الاجنبية الى الاردن، وبناء منظومة ادارية قادرة على جذب المستثمر، وهذا الملف كان دائما محط اهتمام جلالة الملك عبدالله وما فتيء يحث الحكومات على بذل جهد اكبر في هذا الصدد لاهميته في جلب رؤوس الاموال الاجنبية وتشغيل الايدي العاملة الاردنية.
يضاف الى سوء ادارة "اقتصادنا" عدم قدرة الحكومة على الاحتفاظ برأس المال الوطني الذي اصبح يبحث كذلك عن ملاذ اقتصادي أمن يمكن أن يقدم له التسهيلات، ويجنبه عدم الاستقرار التشريعي الاقتصادي الذي يجعله عرضة في كل مرة الى اعادة بناء ذاته في مواجهة السوق، ويضطره الى اللجوء الى جيوب المواطنين المهترئة جراء السياسات الحكومية المباشرة.
ومن سوء ادارة "اقتصادنا"، ما يحدث في ملف الطاقة الذي لم تستطع الحكومات التعامل معه الا من خلال جيوب المواطنين بعد ان وصلت اسعار المحروقات الى أعلى حد يمكن ان تصله او وصلته عندما كان سعر برميل النفط في السوق العالمي يزيد عن 130دولارا بداية العقد الحالي، ووصلت اسعار الكهرباء الى حدود مرتفعة ومرشحة ايضا للارتفاع خلال السنوات القادمة بعد الاجراءات التي اتخذتها الحكومة السابقة.
الانجاز أو الفشل في الملفات الاقتصادية، لا يحتاج الى متخصص ليدركه بل أن المواطن البسيط قادر على تلمس معالم الفشل والنجاح، ذلك ان النجاح سينعكس على وضعه المعيشي والفشل ايضا، لذلك فان الحكومات مدعوة الى تصحيح سياستها الاقتصادية قبل ان تفكر بالقاء اللوم على المواطن وتحميله نتائج فشلها على مدى عقود، في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن من حكومته تحسين وضعه المعيشي بدلا من التفكير باقرار قانون معدل لضريبة الدخل ورفع أسعار المحروقات على رأس كل شهر.