كتب: د. سامي العموش
الكل يعلم أن الموازنة من جيوب رعاياها وبالتالي دافعو الضرائب هم من يتحملون ذلك، ولعل موازنة 2022 مشابهة لحد معين لموازنة 2021، وهذا يعني أن وباء كورونا وتداعياته ما زالت قائمة، وحيث أن النمو العام ما زال متباطئاً بالرغم من ارتفاع النفقات، ومن المفترض أن الإنفاق الرأسمالي يزداد مما يساعد على إحداث نمو أعلى، وبأن تحدث قيمة مضافة من النفقات الرأسمالية تعمل على جذب العملات الصعبة والتكنولوجيا المتقدمة وتستخدم مدخلات الإنتاج المحلي وبالتالي تترك مؤشرات اقتصادية محفزة، أما النفقات الجارية (التشغيلية والثابتة) والتي تخدم الدين العام والرواتب وما تلتزم به الحكومة بمشاريع خدمية يفترض أن تعود أصولها إلى تشجيع حركة الاستثمار سواء على المستوى المتوسط أو مشاريع صغيرة للحكومة، أما النفقات الرأسمالية فهي تحتل المكانة الأقل في الموازنة والأصل أن تتجاوز نسبة الـ 20% المقدرة في الموازنة لإحداث نقلة نوعية في المشاريع والتي بالتالي تعود بالدخل وتساعد على التخفيف البطالة ومحاربة جيوب الفقر.
علماً بأن هناك مؤسسات لا يمكن أن تخفف الدعم لها مثل المؤسسة العسكرية في كافة فروعها الأمنية وغيرها فلا يمكن تجاوزها بتقليل النفقات.
وعلى جانب آخر ستجد بأن أصواتاً كثيرة في مجلس النواب تطالب بزيادة الإنفاق وتحسين مستوى الرواتب وتقليل الضرائب وغيرها، إلا أن ذلك يصطدم بواقع الإمكانيات وما هو متاح، فالكل يتمنى ويطلب ولكن ستواجه بواقع مالي حقيقي فهناك الإيرادات فهي لن تحقق المتوقع؛ كوننا لا نزال نعيش ظرف كورونا، بالإضافة إلى أن المنح الخارجية مرتبطة باتفاقيات قد تكون عينية أو مادية وذلك يصعب الأمور على الحكومة إلا في حال ضبط النفقات الجارية و إعطاء فرصة سانحة للنفقات الرأسمالية؛ لتحقق نمواً ولو محدوداً وإنما يجري من فتح أبواب مع العراق ومصر وسوريا، ولا زالت تعترضهُ الكثير من المخاطر، هذه الظروف وغيرها تجعل الأردن متأثراً بظروف المحيط الاقتصادية فتحقيق نسب عالية بالنمو هو مطلب لكن أعتقد بأن هناك كثير من الصعوبات التي تواجهه.
إذن نحن أمام معادلة صعبة تتطلب ثباتاً كثيراً من المتغيرات وتحسن في الإيرادات وضبط النفقات الجارية وتعزيز النفقات الرأسمالية، فهذه الموازنة لن تستطيع إحداث نقلات نوعية بالرغم من السياسة المالية الصارمة التي تمارسها الحكومة في مكافحة التهرب الضريبي وضبط الأمور إلا أن ما هو مطلوب يتجاوز ذلك، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا في إيجاد مشاريع رأسمالية كبيرة مدروسة معتمدة على التكنولوجيا من خلال تحفيز الاستثمار وإيجاد أرضية يمكن له الوقوف والتعامل من خلالها، عند ذلك فالمتوقع زيادة حصة المشاريع الرأسمالية والتي سوف تساعد على تحسن الإيرادات وتوسيع نسبة التشغيل في هذه المشاريع؛ مما يخفف من الفقر والبطالة.