أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

إصلاح النظام التربوي عماد تنفيذ مخرجات اللجنة الملكية لتحديث التشريعات السياسية

مدار الساعة,مقالات,الملك عبدالله الثاني,مجلس النواب,مواقع التواصل الاجتماعي
مدار الساعة ـ
حجم الخط

وعد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه أن تقدم اللجنة الملكية برئاسة دولة المثقف والسياسي سمير الرفاعي مخرجات اللجنة إلى الحكومة كما تنسبها اللجنة متضمنة تعديلات على الدستور الأردني وقانوني الأحزاب السياسية والانتخابات بما يسمح بنظام متدرج للوصول إلى حكومات برلمانية حزبية برامجية تتداول الحكومات في إطار فهم طبيعة العمل الحزبي وأصول وقواعد الديمقراطية في إطار نظام ملكي متمكن ومؤسسات عسكرية وأمنية راسخة الجذور.

انني وإذ أثمن جهد اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي أنجزت عملها في وقت قياسي وبجودة وفهم عميق لطبيعة النظام السياسي الاردني وثقافته وتقاليده، أعيد التأكيد أن المستقبل واعد ،كيف لا ونحن ننعم بالأمن والامان والاستقرار السياسي والاجتماعي بفضل القيادة الفذة لجلالة الملك المعظم.
وهنا أشير إلى ضرورة الحديث عن الخطر الداهم في المنطقة الذي امسك بتلابيبها ويأبى المغادرة وهو الارهاب والتطرف، فقد اتسعت رقعة انتشاره واصبح في الآونة الأخيرة، من أكثر القضايا التي تثير اهتمام النخب الفكرية والثقافية والسياسية التي تحاول فهم الظاهرة ووضع وسائل مناسبة للتعامل معها، كما يثير مفهوم الديمقراطية والتربية والتعليم والتعلم مدخلاً واسعاً للحوار وباعتقادي ان العنوان الابرز لمحاربة التعصب هو الديمقراطية ولاشيء غيرها وهذا ما أكدت عليه مخرجات اللجنة بتمكين الشباب والمرأه تشريعيا في المنظومة السياسية الجديدة.
وهنا، ونحن عندما نتحدث عن الامن والامان والاستقرار فلا يجب ان نقلل من حجم المشكلة وخطرها، وإنما وضعها في سياقها الصحيح الذي يساعد على فهمها. وكونها ظاهرة طبيعية لا ينفي عنها صفة أنها ظاهرة مرضيّة لا صحيّة. وإذا كان القضاء عليها -بصورة مطلقة- مطلباً صعباً عزيز المنال، فإن الحدّ منها وتقليص أخطارها وآثارها السلبية على المجتمعات يبقى أمراً مطلوباً بصورة مستمرة. فالتطرف يرتبط عادة بالانغلاق والتعصب للرأي، ورفض الآخر وكراهيته وازدرائه وتسفيه آرائه وأفكاره. والمتطرف فرداً كان أم جماعة، ينظر إلى المجتمع نظرة سلبية سوداوية، لا يؤمن بتعددية الآراء والأفكار ووجهات النظر، ويرفض الحوار مع الآخر أو التعايش معه ومع أفكاره، ولا يبدي استعداداً لتغيير آرائه وقناعاته، وقد يصل به الأمر إلى تخوين الآخرين وتكفيرهم دينياً أو سياسياً، وربما إباحة دمهم. ويزداد خطر التطرف حين ينتقل من طور الفكر والاعتقاد والتصور النظري، إلى طور الممارسة والتطرف السلوكي، الذي يعبّر عن نفسه بأشكال مادية من أعمال قتل وتفجيرات وتصفيات واستخدام لوسائل العنف المادي المختلفة لتحقيق بعض الأهداف.
ولذلك فإن دوراً توعوياً تثقيفياً تربوياً بخطر التعصب والتطرف يجب ان يبدئ في جامعاتنا ومدارسنا ومساجدنا، وفي وسائل الاعلام ايضاً الى جانب التحديثات السياسية.
لقد وسائل الإعلام في نقل صور الانحراف والتعصب على حساب تماسك المجتمع وفضائله ومنظومته القيمية، كما كان لمواقع التواصل الاجتماعي دوراً بارزاً في ذلك،
وهذا الواقع يفرض علينا جميعا مواجهته بمزيد من الوعي والمسؤولية والتحدي، ويفرض على القوى الحية في الوطن من احزاب وتنظيمات وجمعيات و مثقفين وسياسيين.. واجب المبادرة الى تحليله واستنتاج الوسائل المناسبة للتصدي له.. والعمل على تعزيز مشاعر الانتماء للوطن والامة العربية، لماضيها وحاضرها، وذلك بتدعيم قيم الانفتاح والتسامح والتحرر في المجتمع عبر صياغه جديده لمنظومتنا القيمية في الكتب والمناهج والنشاطات الصفية وللاصفيه حتى تسير بالتوازي مع تحديث المنظومة السياسية.
أما حول دمقرطة التعليم والديمقراطية في التعليم فان عالم اليوم يشهد تطورات هائلة، ليس على صعيد التكنولوجيا والتقنية فقط، بل تعدى ذلك إلى كافة جوانب الحياة ، فكرياً وسياسياً واجتماعياً وتربوياً ، فالثورات العلمية الجبارة القادمة بوتائر سريعة، صبغت عالمنا اليوم بلونها، ووقف الإنسان مذهولاً أمامها على الرغم من أنه هو الذي أوجدها وطورها ، فنحن نرى ونعيش اليوم عصر الذرة والأقمار الصناعية ، وعصر الكومبيوتر والإنترنيت ، والاتصالات وأجهزة الاستقبال التي حولت ليس فقط العالم ، بل الكون كله إلى قرية صغيرة ، ومكنت الإنسان من الحصول على كل ما يحلم به من المعلومات والبيانات بدقائق معدود.
وكان عدم اقتصار التطور العلمي والتقني، على الاختراعات و الصناعات المختلفة ، مفيداً في جانب ولكنه مخيفاً في جوانب أخرى، حيث العولمة بما أفرزته من رؤيا جديدة على أكثر من صعيد تقودنا للحديث عن عولمة القيم والثقافة، وإلغاء حدود السيادة، والجميع يعلم أن التربية في كل قطر مقدسة، وإحدى عناصر السيادة في كل دولة ،وعلى كل حال فقد كان لابد أن يحدث التطور في المجال التربوي والتعليمي جنباً إلى جنب ، لأن المجالين يكمل بعضهما بعضاً ، ولأن التطور التقني يتطلب قدرات متطورة وعالية لدى العاملين لكي يستطيعوا مواكبة التطور التقني في العصر الحديث.
وهكذا ارتفعت أصوات المفكرين والعلماء العاملين في المجال التربوي لإجراء ثورة في أساليب التربية والتعليم في مدارسنا ، وإعادة النظر في المناهج والكتب المدرسية والوسائل التي تمكن المدرسة من أداء عملها على الوجه الأكمل، واتفق الجميع على اهمية الديمقراطية كأساس من أسس التربية ورافعة مهمة في نجاح العملية التربوية ، لأنها أي الديمقراطية تمثل ضرورة في جميع مناحي الحياة ،إلا أنها في التربية والتعليم ذات أهمية قصوى، فلا تعلّمّ حقيقي إن لم تُمارَس الديمقراطية في الصف خلال العمليّة التعليمّية-التعلّميّة، فأولاً وقبل كل شيء، يجب إتاحة فرص التعليم للجميع بغض النظر عن الجنس أو مكان السكن ، أو الطبقة الاجتماعية، وهذا بمجمله لن يحسن العليم والتعلم بل وسيحارب كل ظواهر التطرف والتعصب ، فالديمقراطية يجب أن تتوافّر في المنهاج المدرسي، وفي غرفة الصف، وفي أساليب التدريس والأنشطة والوسائل التعليمّية- التعلميّة، إلى غير ذلك من الأمور التي تُلبي حاجات جميع الطلبة على اختلاف إمكانياتهم وقدراتهم." فالمادة التي لا تتضمن مفاهيم ديمقراطية ،لكي تعززها وتثريها وتتيح المجال أمام الطلبة للاقتداء بها، تبتعد بالطلبة عن ممارسة الديمقراطية". وهذا يتطلب جهداً ووعياً عالياً من قبل المعلم لإنجاز ذلك ، فالمطلوب من المعلم أن يكون قدوة لتلاميذه ، وذلك بأن يمارس الديمقراطية في غرفة الصف ، وأن يعامل جميع الطلبة بطريقة تعزز لديهم مفهوم العدالة والمساواة ، وإتاحة فرصة المشاركة لكل طالب منهم ، وإضفاء جوٌ من المودّة والاحترام بينه وبينهم، وذلك بتدريبهم على حسن الإصغاء، والنقاش الجاد، وبحثّهم على التعاون ،ليساعد في عمليّة التعلّم، فالطالب يتعلم من زملائه أكثر مما يتعلّم من معلمه، كما وأن المعلم بهذا الشكل الديمقراطي يمهدّ أمام الطلبة الطريق للتعلّم الذاتي المستقلّ ، الذي يستمرّ معهم مدى الحياة، و يدرّبهم على حلّ المشكلات الخاصة والعامّة، وعلى الانتماء الحقيقيّ للجماعة.
الديمقراطية أتى معناها الحرفي من اندماج كلمتين من اللغة اليونانية القديمة تعنيان حكم الشعب ، فالكل يكاد يقر أن الديمقراطية هي حكم الشعب بالشعب وللشعب ، ولكن الصعوبات تظهر عندما نغوص في أعماق هذا التعبير، حيث نصطدم بعدة تساؤلات أساسية ، على شاكلة ماذا نعني بالشعب الحاكم ؟ ، ومن هذا الشعب الذي سيكون من أجله الحكم ؟ ، وكيف يمكن ان يكون الحكم بالشعب وللشعب؟وهنا يبرز الاختلاف وتتعارض المدارس الفكرية والاجتماعية حيث يعطي كل منها للديمقراطية معانٍ ومضامين مشتقة من منطلقاته الأيديولوجية، وهو ما أدى بالتالي إلى ظهور عدة صور للحكومات الديمقراطية.
ونقطة الأساس في نظم الديمقراطيات التقليدية أنها اتجاه سياسي يستهدف نقل السلطة سياسياً وقانونياً من الملك إلى الشعب، أو من الحاكم الى المحكوم وحق الشعب في ممارسة سلطة التقرير النهائي لمستقبله ، وفي اختيار النظام الذي يناسبه ، وتعيين الحكومة التي يرتضيها لتصريف شؤونه ، وهذا ما يميزها عن الحكم الفردي ، حيث السيادة مركزة في يد واحدة ، كما تميزها عن الحكم الأرستقراطي حيث السيادة مركزة في يد فئة قليلة من الأفراد ، أما المصادر الفكرية لهذه النظرية – سيادة الشعب – ، فنجدها في نظريات القرنين السابع عشر والثامن عشر في أوروبا لمجموعة من مفكري الاقتصاد والتربية والسياسة من أمثال جون لوك ، وجان جاك روسو ، وكذلك مونتسيكو في كتابه الشهير ” روح القوانين .”
وقد انطلقت على أساس هذه النظريات حركة الديمقراطيات .
وإذا كان مصطلح السياسة قد اشتق من أصول لاتينية تعني في مجملها المدينة أو الدولة، أو من الأصل العربي ساس يسوس سياسة، بمعنى تدبير أمور الناس أو القيام بأمورهم، فقد أضاف الاسلام إلى هذا المعنى أمور الدين بلا فصل بينها وبين أمور الدنيا ، ليترتب على هذا المفهوم العربي للسياسة معنى الزعامة والقيادة، لأن القيام بأمور الناس يتطلب بالتأكيد من يتولى هذه الأمور بحيث يصبح الذين يتولون أمور الناس هم الساسة ، كما جاء في لسان العرب ،وأولي الأمر ، كما ورد في القرآن الكريم.
أما كلمة الديمقراطية، فهي مصطلح لاتيني الأصل مكون من كلمتين هما”ديمو” وتعني شعبي، و” كراسي” وتعني الحكم ، وتصبح الكلمتين معا ، أي ديمو كراسي ” الحكم الشعبي ” ، أي حكم الشعب ، وعرفها الفيلسوف هارولد لاسكي بأنها كالحذاء ، أي أن حذاءَ شخص لا يصلح بالضرورة لشخص آخر، ومن هنا فالديمقراطية طبقاً للاشتقاق اللغوي ( سلطة الشعب) ، أي أنها النظام الذي يجعل السلطة بيد مجموع افراد الأمة، دون اعتبار فوارق الجاه، أوالغنى، او العرق ، او اللون، أو غير ذلك.
والديمقراطية، على هذا، نظام عام يفسح المجال امام كل شخص للتعلم والتفوق إنها تحقيق لمبدأ تكافؤ الفرص، وهي النظام الذي يخولنا لكي نحيا – في وعينا وفي سلوكنا- القيم العليا المشتركة، فليست الديمقراطية، اذن، غاية في ذاتها، بل هي ممر للتعالي والانتقال من حالة الانغلاق على الذات ، الى الانفتاح باستمرار نحو جميع الامتدادات المادية والمعنوية والفكرية للإنسان ومحاربة كل ظاهر التعصب والانغلاق.
والديمقراطية بالمنظور النفسي رغبة واكثر من رغبة، إنها الأمنية العميقة التي بدون ارضائها لا يحس المرء بالثقة والأمن، فالاطمئنان اساس السعادة، لأنه ينبع من الضمانة على حصانة حريات الشخص وحقوقه، مع المساواة في الواجبات بين جميع الاشخاص، ان كل المفاهيم النبيلة، من عدالة، وصداقة، وأخوة، وحرية لا تلتصق بالواقع اذا لم تنطلق من الاطمئنان، فالديمقراطية رغبة ملحة اصيلة، وامل صميمي عملي، فبترابط الديمقراطية بالاطمئنان تتجذر الديمقراطية في وجدان الإنسان فتصبح واقعاً يحياه، كتجربة شخصية، لا مجرد مفاهيم تفرض ، ويحميها دستور موروث، فالديمقراطية نظام قابل للمناقشة والإصلاح، والحكومة الديمقراطية حكومة الشعب لا حكومة غير محتكرة للسلطة التي هي ملك للجميع، وتخضع للنقد الفردي والجماعي، ووجود الاطمئنان يفترض ان القوانين التي تبنى عليها اسس الحكم تضمن حرية الاجتماع، وحرية النقد لمراقبة المسؤولين، دونما خوف من اي ضغط خارجي او تعسف، هكذا يشعر كل واحد انه يسهم في ذلك بكيفية مباشرة لكنها عملية في تسيير شؤون الدولة، والديمقراطية بالمنظور الاجتماعي في تفاعل وهذا يقودنا اذن الى التربية الديمقراطية (هي التنشئة الاجتماعية التي يصبح فيها الفرد واعياً ومستجيباً للمتغيرات الحضارية التي تتطلب منه تعديلاً لسلوكه، بما يتوافق مع حرية الآخرين واكتساباً لأنماط جديدة من السلوك، تجعله فرداً فاعلاً ومنتجاً في المجتمع يمارس دوره كإنسان متحضر لا يخضع للتعصب القبلي او التطرف الطائفي، بل كانسان حر واع).
ان لكل مجتمع عاداته وتقاليده وثقافته ونرى في مخرجات اللجنة الملكية انسجاما تاما مع ذلك ومع خارطة الطريق التي رسمها جلالةالملك في أوراقه النقاشية. واي إجتهاد في المفاهيم ينسجم مع كل مجتمع ضمن خصوصيته في إختيار نظماً سياسية متنوعة، وقد قال عنها الكاتب الفرنسي جورج بوردو في كتابه عن الديمقراطية :- إن الديمقراطية ترتبط فكرياً وعملياً بفكرة الحرية، فالحرية هي التعبير الخارجي عن الإرادة، والديمقراطية هي التعبير القانوني عن استعمال الحرية في الجماعة الإنسانية ، ومن ثم فإن الحرية لا تنفصل عن الديمقراطية.
وقد قال جون ديوي في كتابه القيم الديمقراطية والدين:- فالديمقراطية هـي أن يتمكن جميـع أفراد الشعب من الإفصاح عن مطالبها بكامل الحرية وأن تناضل سياسياً بالوسائل المشروعة للتداول على السلطة في انتخابات حرة ودورية.
أما ميلي فيقول:- الديمقراطية هي الحكم الذي يملك فيه كل فرد نصيباً، أي لكل فرد حرية الاختيار، وإمكانية الوصول إلى السلطة بنضاله وعمله.
ويقودنا الحديث عن الديمقراطية للحديث من جديد عن التربية وفلسفتها وارتباطاتها ،ففلسفة التربية هي قبل كل شيء فلسفة الانسان، وبهذا الشرط وحده تستطيع ان تؤدي التربية رسالتها. وهي العمل على تنظيم الكائن الانساني ووحدته وتأليفه تاليفاً جديداً ومستمراً، وحمايته قبل كل شيء من القوى المختلفة التي تتنازعه في اتجاهات متباينة، ووقايتة من مخاطر تشتت فكره وانحلال ارادته، وبقول موجز طبعه بطابع الوعي بأن تمنحه الاستقلال الذي تتوقف عليه سيطرته على ذاته، وبالتالي على الأشياء.
ويمكن القول ان (الديمقراطية والتعليم) قضية تضرب جذورها في عمق الفلسفات التربوية والسياسات التعليمية في الدول المتقدمة، وتنطلق فروعها لتتناول جميع القضايا والعناصر والآفاق التي تتعلق بالتعليم بشكل عام. والتعليم الاساس بشكل خاص. وتبدو التربية الديمقراطية قضية تربوية تعليمية في ظاهرها. لكنها قضية ثقافية اجتماعية سياسية في جوهرها، فمظاهر الديمقراطية في النظام التعليمي في غالبيتها العظمى امتداد طبيعي للديمقراطية في المجتمع وانعكاس لثقافته. وبشكل عام هناك ثلاثة ابعاد رئيسة لمفهوم التربية الديمقراطية وهي:-
1-ديمقراطية التعلم: بمعنى ان يتم بناء النظام التعليمي وتنظيم مدخلاته وعملياته وممارساته، بما يحقق تكافؤ الفرص للمتعلم. ويؤدي الى تنمية شخصيته لأقصى ما تؤهله اليه قدراته واستعداداته وميوله، من دون ان يقف وضعه الاجتماعي والاقتصادي حائلاً امام الالتحاق بالتعليم والارتقاء في السلم التعليمي.
2-الديمقراطية في التعليم:- بمعنى ادارة النظام التعليمي وتنظيمه وهيكلته في المستويات الادارية والتنظيمية المختلفة، المدرسية منها والاشرافية والمحلية والمركزية باسلوب ديمقراطي يضمن المشاركة المؤسسية والتفاعل والتعاون مع جميع الفئات ذات العلاقة بالعملية التربوية داخل النظام التعليمي وخارجه.
3-تعليم الديمقراطية:- بمعنى تزويد المتعلم بالمفاهيم والمعلومات والمهارات والقيم والاتجاهات الخاصة بالديمقراطية، عن طريق معرفة التشريعات والمؤسسات والهياكل والممارسات الديمقراطية والنماذج العالمية ذا ت العلاقة، بهدف حصوله على تربية تساعده في المستقبل على ممارسة الحياة الديمقراطية والاسهام في بناء المجتمع الديمقراطي.
مما سبق نقول: إن التربية الفعلية، والاخلاقية، والبدنية والديمقراطية ليست إلا ايقاظاً للوعي الباطني، والفضائل وسائر القوى الكامنة في النفس، وإخراج ما هو موجود بكل قوة الى حيز الوجود الفعلي ، والتربيه حسب التعبير الافلاطوني (إعطاء الجسم والروح كل ما يمكن من الجمال، وكل ما يمكن من الكمال) ولعل اوثق تعريف ما ادلى به (جون ديوي)، من انها عملية تكيف ما بين الفرد والبيئة، يقول :- (التربية هي صوغ وتكوين لفعالية الافراد، ثم صبها في قوالب معينة اي تحويلها الى عمل اجتماعي مقبول من الجماعة.)
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف نرسخ مفاهيم الديمقراطية في السلوك الأنساني ضمن المؤسسة التربوية؟.
يقول المربي (ت.س أليوت): (تستطيع المدارس ان تنقل الى تلاميذها جزءاً من الثقافة فحسب، ولا يكون هذا النقل مثمراً الا اذا كانت العوامل الخارجية في انسجام تام معها، ولا نقصد بتلك العوامل الخارجية مجرد الأسرة والبيئة بل عوامل اخرى كالعمل، واللعب، والصحافة، والمشاهد العامة، والاستعراضات، ووسائل التسلية والرياضة).
الحقيقة ان المشكلة الحقيقية التي تجابه ترسيخ المفاهيم الديمقراطية في المؤسسة التربوية. هي الاداء البيروقراطي للإدارة التعليمية ابتداءاً من (المركز) وانتهاءاً بالفروع، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى. انعدام الكفاءة والخبرة في قيادة المؤسسة التربوية –الاختصاص-، وهذا ما يحول دون التحول الديمقراطي في المؤسسة التربوية. هذا ما يتعلق بالادارة التعليمية، اما بالنسبة للعقل التدريسي المتمثل (بالمعلم) فيفتقر الى مقومات الرؤية والاداء في تنفيذ المنهج وتحقيق الاهداف التربوية بسبب غياب المؤسسة الحقيقية التي تتوفر فيها وسائل اعداده، فضلاً عن غياب المنهج الديناميكي الذي يؤهله لاداء دوره التربوي، ناهيك عن إنغلاق فضاءات الابداع والتطور في اروقة المؤسسة التربوية وانحسار حركة التغيير في الشكل لا في الجوهر وهذا ما يجعل الممارسة الديمقراطية في المؤسسة التربوية تكاد تكون مشلولة او شبه مشلولة.
و يرى العالم بياجيه ان الهدف الاول للتربية والتعليم هو تخريج رجال قادرين على انتاج اشياء جديدة وليس اعادة ما انتجته الأجيال السابقة، أي تخريج رجال مبادرين، مبتكرين، ومستكشفين. اما الهدف الثاني للتربية في رأي بياجيه فهو تربية العقول الناقدة التي تستطيع ان تبحث في الاشياء وتحاكمها محاكمات عقلية ولا تقبل كل ما يقدم اليها دون بحث وتمحيص.
اذن لكي نستطيع ان نحقق اهداف التربية الديمقراطية يجب ان يكون الماسك بزمام السلطة في المؤسسة التربوية ديمقراطياً، يقبل النقد، ويصغي للآخرين في مؤسسته ولا يمارس عليهم سادية سلطته، ويكون إنموذجا، يقتدى به في الفرعيات في السلوك الديمقراطي، والامر الآخر إصلاح الكوادر التعليمية من خلال ما يلي:-
1-رفع مستواهم المعيشي ومعالجة الازمات التي تحول دون ارتقاء مستوى اداءهم التعليمي. احترام الكفاءات من المدرسين، وتحفيزهم على الابداع، وضمان حقوقهم ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
2-اعادة النظر بفلسفة الاعداد شكلاً ومضموناً، رؤية وممارسة، وان يكون القائمون عليه من ذوي الخبرة والاختصاص بما في ذلك فتح دورات مستمرة للمدرسين لاستيعاب مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
3-الاستفادة من التجارب العالمية في ميدان التربية الديمقراطية.
4-توفير التقنيات التي تساعد على ممارسة الانشطة اللاصفية لا الإقتصار على النظريات و الافكار المجردة
5-تدريس مادة حقوق الانسان في المدارس
6-قطع دابر التطرف الطائفي والعصبية القبلية في المؤسسة التربوية على جميع الاصعدة، والبعد عن تسيس التعليم
7-اصلاح المناهج بما يتلاءم وروح العصر، وان يكون للمثقف والمؤسسة الثقافية دوراً بارزاً ذلك.
8-ان يكون لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة دوراً فاعلاً في تغطية جوانب العملية التربوية، وتشخيص النواحي السلبية فيها، وتقويم مسارها.
9- توفير فرص التعلم لكل افراد المجتمع (مبدأ تكافؤ الفرص) والغاء القيود امام التعليم المستمر
10- ان يكون لممثلي الشعب في مجلس النواب ، الدور البارز في الاصلاح التربوي بالمتابعة والتقويم وكذلك ان يكون لمؤسسات المجتمع المدني دوراً بارزاً في اصلاح التعليم.
11ـ ضرورة ربط العملية التربوية بالديمقراطية ، حيث أكد على ذلك جون ديوي ، في كتابه التربوي الأول[الديمقراطية والتربية ] معتبراً أن الديمقراطية أسلوب في الحياة ، وليست مجرد تطبيق سياسي لمفهوم قديم يرجع إلى عهد اليونان في العصور القديمة ووصف الديمقراطية التي عناها قائلاً:- ( ليست الديمقراطية مجرد شكل للحكومة ، وإنما هي في أساسها أسلوب من الحياة المجتمعية والخبرة المشتركة والمتبادلة ).
وعلى هذا الأساس فإن الديمقراطية تعني المساواة بين الأفراد وتهيئة الفرص المتكافئة لهم دون تمييز ،وتعني التكافل الاجتماعي ، والعدالة الاجتماعية ،وحرية الاعتقاد ،والقول ،والنشر والاجتماع ،وهي تعني إقامة علاقات إنسانية تتسم بالأخذ والعطاء وتغليب العقل والخبرة في مجابهة وحل المشكلات التي تصادفنا .
إن المدرسة الديمقراطية التي نصبو إليها هي تلك المدرسة التي يعيش فيها التلاميذ والمعلمون وسائر العاملين فيها زملاءً متعاونين من أجل تحقيق الهدف المشترك الذي يخدم العملية التربوية على الوجه الأكمل.
كما ان تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التربوية تقتضي إعادة اعداد الجهاز التربوي أعداداً ديمقراطياً يمكنهم من القيام بالمهمات الجديدة الملقاه على عاتقهم ، وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة إهتمام الآباء والأمهات والمدرسة باللعب بالنسبة للطلاب كوسيلة
لتنمية قدراتهم الجسمية والعقلية ، حيث أن اللعب يعتبر الفعالية الجدية في حياة الطفل ، والأكثر قابلية لإطلاق قواه الكامنة ، ومن المؤسف أن نرى الكثير من الآباء والأمهات يعتبرون اللعب نوعاً من العبث ومضيعة للوقت ولا يخدم أطفالهم ، وهم يحاولون الحد من نشاطات أبنائهم ، ويعزون ضعفهم في بعض الدروس إلى اهتمامهم باللعب على حساب دروسهم ، دون أن يكلفوا أنفسهم التحري عن السبب الحقيقي للتأخر الدراسي ، ومعالجته بالوسائل العلمية. فاللعب ضروري ، ضرورة الطعام والشراب ، من أجل سلامة نمو الاطفال الجسمي والعقلي.
وأخيراً وكنموذج للإدارة المدرسية الديمقراطية التي نريد نأخذ من علم وفن الإدارة نموذج الإدارة الديمقراطية للتدليل والمثال ، مبينين أسس الإدارة الديمقراطية وهي:-
أ‌. تقوم على أساس إحترام شخصية الفرد وانه غاية في ذاته . فتعمل على تشجيع فردية الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية ، فالمدير لا يخضع لتعليمات إنما يخضع لأهداف عامة ووسائل تحقق هذه الأهداف . فليس من أغراض المدرسة أن تربي تلاميذها على طريقة الإنتاج بالجملة ، بل يجب أن ترى فردياتهم بطرق مرغوبة من خلال معرفة القدرات والميول والحاجات والاستعدادات.
ب‌. تنسيق الجهود بين العاملين في المدرسة : تنظم المدرسة على أساس سماحها لكل أعضاء هيئة التدريس بالعمل كمجموعة متناسقة متعاونة بدلا من عملهم كأفراد.
ج‌. في هذه الإدارة يتعرف المدير على الاستعدادات الخاصة لأعضاء هيئة المدرسة ويعرف حدود قدراتهم وميولهم . فلكل مدرس في المدرسة عملان : أحدهما يختص بالتدريس والثاني يختص بأداء بعض الأعمال الإدارية والإشراف على نشاط معين.
د‌. المشاركة الفعالة الواسعة في تحديد السياسات والبرامج : فالإدارة المدرسية الديمقراطية تتطلب اشتراك كل من التلاميذ وأعضاء هيئة المدرسة في تحديد السياسات والبرامج ، فيشترك مدير المدرسة مع أعضاء هيئة المدرسة في واجبات ومسئوليات إدارة المدرسة بدل الانفراد بهذا العمل . فالجميع متعاون للتنفيذ ؛ لأنهم هم واضعو القرار والسياسة.
ه‌. تكافؤ السلطة مع المسئولية : فالمدير يفوض الأعضاء العاملين معه القيام ببعض الواجبات و المسئوليات مع منحهم كل في نفس الوقت السلطة التي تتكافأ مع المسئولية من أجل تسهيل القيام بالواجب الموكل إليهم فهذا يسهل العمل ويضمن نجاحـه.
و. هذه الإدارة تحدد وتنظم الأعمال كي لا تتضارب ولا تتداخل ، عمل تعاوني محدد التعليمات واضح ، لأن الأعمال غير محددة والواضحة تؤدي إلى القلق والفوضى والاضطراب ، ولذلك كل فرد في هذه الإدارة يعرف مسئولياته وواجباته ضمن إطار تعاوني مع الآخرين من اجل تحقيق الأهداف الموضوعة.
ز‌. حل النزاع داخل الجماعة : يحدث النزاع عادة داخل الجماعة لأسباب تعود إلى اختلاف أو تباينات أو تفاوتات كثيرة . يستطيع المدير الناجح في ظل الديمقراطية أن يحول دون النزاع بين أفراد الجماعة ( المعلمين ) ، بل يستطيع أن يجعل من اختلافاتهم مصدرا لعمل خلاق ومبدع ، وهنا يجتاح المدير حتى يحول دون النزاع أن تكون معرفته بنفسه وبالآخرين معرفة تامة ، عميقة ؛ فلا يخطئ في تفسير مشاعرهم بل يحاول أن يتعرف على أوضاعهم ووجهات نظرهم حتى لو اقتضاه الأمر أن يستعين بمصادر داخلية أو خارجية لتوفير هذه المعرفة ، وبهذا يستطيع التوازن و التوفيق بين هذه الجماعات المختلفة وطرقهم في التربية بحيث لا تطغى ناحية على أخرى ، فيعملوا معا للوصول إلى الأهداف المنشودة.
ح. إنشاء برنامج للعلاقات العامة : هذا البرنامج يهدف لتعريف السلطات التعليمية والمجتمع المحلي بسياسة المدرسة وبرنامجها ، وما تقوم به من نشاط بطريقة عملية لا إعلامية ، ويوضح الصعوبات التي تواجه سبيل تحقيق وتنفيذ مهام المدرسة وما تقدمه من وسائل للتغلب عليها.
أسباب اتباع النمط الديمقراطي في الإدارة المدرسية:-
1- النمط الديمقراطي هو الذي يوفر إطلاق قدرات أفراد هيئة المدرسة ، ويظهر مواهبهم واستعداداتهم.
2- انتشار الفلسفة التربوية الديمقراطية و تطبيقها على العمل في المدارس.
3-أظهرت نتائج الدراسات و البحوث في مجال علم النفس وعلم الاجتماع أن الناس الذين يعملون سويا بطريقة أفضل وبفاعلية ، خاصة إذا اشتركوا في وضع الأهداف وطرق العمل.
4- أظهرت الدراسات ديناميكية الجماعة ، إن القيادة التي تفرض على الجماعة من الخارج تساعد على وجود وتكوين قيادات مضادة في هذه الجماعة ، أما إذا كانت القيادة تعاونية تنبع من الجماعة يكون الناس أكثر سعادة وإنتاجا وأقل تعديا.
5- التربية ترتبط بالديمقراطية ارتباطا وثيقا ، ولما كانت العلاقات بين الإدارة والمدرس وبين التلميذ والمدرس وبين المدرسة والمجتمع تتكيف بالأسلوب الذي يسود هذه العلاقات فإن الحاجة واضحة إلى ضرورة توافر الأسلوب الديمقراطي في الإدارة المدرسية الذي يحتاج إلى خلق بيئة صالحة وطريقة ناجحة لتحقيق هذا الأسلوب من خلال الأفراد الأذكياء الذين يشعرون بالمسئولية ويقدرونها.
6- الديمقراطية تسمح للعملية التربوية بالنمو ، لأن البيئة التي تسمح بالتجريب والبحث تهيئ للأفراد حرية التعبير عن آرائهم وأفكارهم وتعاون الآخرين والاشتراك معهم من أجل المنفعة ويتحقق ذلك في المدرسة.
7- وجود علاقة القوية بين الديمقراطية والتربية.
الديمقراطية تأتي بالتربية والتنشئة الاجتماعية، وليس بالوراثة او الانتقال باللاشعور الجماعي او اصدار الشعارات وتعليقها او الحديث عنها في وسائل الاعلام المختلفة، والنظرية إذا لم تقترن بالتطبيق او الفعل تصبح كالضحك على الذقون. ولايمكن للمفاهيم الديمقراطية ان تبسط يدها على جوانب المجتمع بجميع اطيافه ومشاربه بعصى سحرية، وستبقى مجرد شعارات جوفاء اذ لم تقرن بالعمل الميداني والواقعي. لذا نسمع احاديث كثيرة من هنا وهناك، منمقة ومزوقة ومنسقة ومهذبة تحمل معاني كبيرة وواعدة، لكنها ضيقة التطبيق ووهمية خادعة من بعض الذين يتحدثون بها.
اننا اذا اردنا ان ننشر الافكار الديمقراطية في عموم طبقات الشعب يحتاج الامر منا ان ننمي ونربي ابناءنا على الممارسات الديمقراطية بكافة أنواعها وعلى ارض الواقع، وكلما جعلنا من اطفالنا ومراهقينا يسلكون سلوكا ديمقراطيا في التعامل مع الاخرين، فان ذلك يعني نجاحا في ارساء قيم الديمقراطية في المجتمع، وبالتالي فان جميع ذلك يصب في خدمة الوطن والوطنية والسير بهما في خطى حثيثة وواثقة نحو المجد والعلى.
انني على ثقة أن الحوارات المباشرة ستكون محطة مهمة نحو المستقبل.. ومعلما أساسيا في المسيرة.. ضمن اطار تنمية الوطن الاجتماعي.. وباتجاه تفعيل مؤسساتنا السياسية وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار الوطني والمزيد من الانفتاح على القوى الوطنية.. بما يعزز مكانة الوطن.. ويفسح المجال للجميع للإسهام في بناء مستقبل الاردن وتقدمها. والله ولي التوفيق
مدار الساعة ـ