كتب: د. أمل نصير
كثرت التصريحات في الآونة الأخيرة داخليا وخارجيا حول أهميه وضع الكمامة إذ باتت هي والتباعد الجسدي والاجتماعي حسب رأي عدد كبير من الأخصائيين أهم من المطعوم الذي ينتظر العالم وصوله بفارغ الصبر للخلاص من جائحة كورونا، ورغم تواضع كلفتها إلا أن كثيرا من الناس لا يضعها بدءا من عدد من المسؤولين وانتهاء بعدد آخر من المواطنين، ولعل الملفت في أمرها أيضا هي آلية لبسها عند كثير من الناس إذ غالبا ما توضع على الذقن، وكأني بلابسها يفعل ذلك تأدية لواجب او خوفا من المخالفة أو أنها أصبحت مجرد عادة دون أدنى اقتناع او حتى معرفة تامة بالغاية منها.
الغريب في أمر عدد من واضعيها أنه ما أن يبدأ بالحديث مع الآخرين حتى يقوم بخلعها او يضعها على ذقنه متجاهلا أن الغاية منها هي فلترة الفيروس ومنعه من الوصول إلى الآخرين بواسطة الرذاذ المتطاير من الفم والأنف عن طريق العطاس او السعال او التحدث او التنفس؛ لأن الفم والأنف هما مكان تجمع هذا الفيروس؛ أي أن المطلوب تغطية كامل الأنف والفم تغطية تامة، وعلينا تقليل الحديث مع الآخرين ما أمكن لتخفيف الحمل الفيروسي بعدما ثبت أن انتقال فيروس كورونا وغيره ينتقل عبر هذين العضوين بشكل خاص.
أما إذا أشعرت أحدهم بضرورة لبس الكمامة بصورة صحيحة، فسرعان ما يدافع عن نفسه بأنه غير مصاب، وهو يضع الكمامة لغاية او لأخرى ما عدا الغاية التي وجدت الكمامة من أجلها متجاهلا ما يسمعه من أن انتشار الفيروس بات مخيفا، وأنه المنحنى يصعد بصورة كبيرة، وأعداد المصابين والوفيات في تصاعد واضح، وأن النظام الطبي معرض للانهيار، كما أنه يتجاهل أن بيننا مصابين ينقلون الفيروس دون أن تظهر عليهم الأعراض، وحتى أنهم لا يعرفون بإصابتهم.
مع كل ما يبثه الإعلام على القنوات الفضائية من تغطية للجائحة وأخبارها وتحذيراتها... إلا أن هذا الإعلام نفسه قد يكون مسؤولا -أحيانا- عن عدم لبس الكمامة أو وضعها بصورة غير صحيحة، فبرامج الحوار غالبا تكون عن قرب وبدون كمامات، وبدون تباعد كاف رغم التأكيد على ذلك في الحوار ذاته، مع أنه يمكن أن يكون عن بعد دون أن يقل شأنا أو إقناعا، وأما إجراء المقابلات مع الناس في المناسبات المختلفة، فهو أكثر غرابة وخطورة، فعند بدء الحديث يضع المتحدث الكمامة على ذقنه ويبدأ الحديث أمام الميكرفون الذي هو غالبا مغطى بقطعة إسفنجية او ما شابه؛ مما يصعب تعقيمه علما بأنه ينتقل من متحدث إلى آخر!
صحيح أننا اليوم أصبحنا أكثر التزاما، لكن هذا الالتزام ما زال ناقصا عند عدد من الناس، وفي مناسبات شتى، فمعركتنا مع الوعي ما زالت تحتاج إلى عمل كثير من الجميع.
لا يجوز أن يصبح انتشار الفيروس في مصنع كمامات قرب العقبة مبررا للتساهل في عدم لبسها خوفا أن تكون هي ذاتها سبب الإصابة بالفيروس حسب رأي عدد من رواد وسائل التواصل الاجتماعي أو من باب ردة الفعل السلبية للمواطنين، الذين أثار انتباههم أعداد العاملين في المصنع من غير الأردنيين أكثر من انتشار فيروس الكورونا نفسه، لاسيما ونحن نعاني من نسب بطالة مرتفعة، ودون أن يخرج علينا أحد المسؤولين ليوضح لنا الأمر أو حتى شرح الأمر على منصة ( من حقك أن تعرف) !!!