أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الهروط يكتب: قانون عفو عام يطرح في غير وقته


د.صهيب علي الهروط

الهروط يكتب: قانون عفو عام يطرح في غير وقته

مدار الساعة ـ
لن نناقش كيفية ظهور فكرة الطلب واسبابه ومعطياته وحيثياته ، وما اريد قوله في هذا الجانب ، هل بقي لنا ما نقوله او ما نشرعه في قانون جديد للعفو العام ؟ وهل هنالك حاجة فعلية مستجدة وطارئة للذهاب نحو هذا الخيار ؟ وهل سجوننا ممتلئة لهذا الحد والقدر الدافع نحو قانون جديد؟ وما هي الضرورات التي تدفع باتجاه إقراره .
كلها اسئلة وتحتاج للإجابات المنطقية المقنعة ، ولا نريد صبغها في مسارات قياس القدرة والتجاوب بين مجلس النواب والحكومة ، ولا وضعها في مكان يجعل منها بيئة خصبة لخلق حالة من التوتر والتوهان بينهما ، فالوقت وقت العمل وبوتيرة سريعة ولا مكان للخلاف في بداية عهد المجلسين (الوزراء والنواب) .
نعلم أن العفو العام يحمل آثارا إيجابية على المجتمع والقضاء والسجون ويخفف من الاكتظاظ فيها ، ونعلم جيدا المنتقدين والمعارضين للعفو العام ؛ لأن الإحساس بوجود العقاب أهم من المبررات التي تصاغ لوجوده ، وتحتم ضرورة وضغط على تشريعه .
وندرك أن التحالفات بين المجلسين ضرورة في قادم الأيام ، وهذا مهم من ناحية التأسيس لأرضية خصبة لإستكمال المشاريع الأكبر والأعمق ، ونحتاج لإستمرارية في نهج العطاء ، وبالمقابل نفهم أن يتم التوافق بوجود قانون العفو العام ؛ لأن ذلك يكمل دورا محوريا مع الرأي العام الأردني ، الذي لن يقبل أن نخلق أجواءا تؤثر على السلم والأمن المجتمعي .
ولو أردنا تفكيك ديناميكية هذه العلاقة والترابط ، نجد أننا بحاجة إلى نهج دقيق في خلق علاقة متوازنة قائمة على مجموعه من العوامل ، لأن ما يساق في حاجتنا لعفو عام ؛ هو أن القانون الصادر في عام ٢٠٢٤ لم يحقق أهدافا معينة مثل عدم شمول القضايا التي تمت فيها مصالحة ضمن بنود الشمول ، أو القانون المطالب به سيكون مكملا لسابقه ، وبالنتيجة نعتبر من الفوائد ونأخذ بعين الإعتبار العيوب المحتملة عند صياغة هذه القوانين بعدالة وشمولية وأكثر فعالية .
ولو عدنا إلى مسألة توقيع مذكرة نيابية خاصة بضرورة سن تشريع خاص بالعفو العام ، يجعلنا نستدرك أمرا في غاية الأهمية ، وهو أنه من المبكر الحديث عن قانون عفو عام ، فمعشر الدستوريون يذهبون إلى أن الفلسفة الدستورية لا تستقيم مع تكرار اللجوء للعفو العام ، بالإضافة إلى إخلاله بمبدأ سيادة القانون ، فالقوانين وجدت للتطبيق على مخالفيها من خلال أحكامها ، ولو سمح في أوقات معينة تجاوز الأصل بصدور هذه القوانين ولكن في حدودها الدنيا .
وهنا نقول : أن فكرة العفو العام ؛ فكرة يقصد منها تطبيقها في أضيق الحدود وعدم الإتفاق على التوسع فيها ، فمهم جدا أن نحافظ على الضوابط الدستورية في دستورنا ، التي تطلبها المشرع الدستوري ، ووضعها في عين الإعتبار عند التفكير وبحث الأسباب الموجبة لسن هذا التشريع .
كما أن العبرة إن كانت في التسهيل على القضاء الأردني النزيه ، من إجراءات التقاضي والتخفيف عنه فهي غير منتجة ؛ بسبب أن القضاء معتاد من عشرات السنوات على وجود هذا الكم الهائل من القضايا بأشكالها المختلفة .
والتخفيف عن سجوننا أيضا غير منتج لانها مليئة بالقضايا الحقوقية التي لا يشملها العفو ، ولا نغفل الكلفة المالية المترتبة في بعض الاوقات .
وبالتالي علينا أن نركز نحو تعزيز لروح التعاون والتواصل في هذا التوقيت ، وأن نعمل باتجاه الحماية والرخاء ، وان نشد بعضنا بعضا للقادم من الأيام .
ختاما ، كلنا نرغب في وجود مجتمع اردني متسامح قائم على التراحم والمودة بين أفراده ، ولكن ما نرغب قوله أن الدوافع نحو قانون للعفو العام ، يحكمه الضرورات والحاجة والواقع الحالي لا يدفع نحو السير في تشريعه
مدار الساعة ـ