بقلم : سلطان عبد الكريم الخلايلة
ساعاتٌ قليلة تفصلنا عن أهم استحقاق دستوري، ساعات بَقيَتْ لتفتح الصناديق كمُقدّمة لإفراز نواب يشرّعون ويُراقبون لمرحلةٍ قادمة ستكون من أصعب المراحل على أُردننا العزيز.
ورقة الاقتراع والقلم المخصص لك كناخب سيبقيان شاهداً على وعيك الانتخابي وثقافتك في الاختيار، قلمٌ سيكون لهُ نَظير يوقِّع اتفاقيات ومواثيق ومحاضر اجتماعات الأمر الذي سيمنحك حصة في استجواب الحكومة عبر مرشحك الفائز؛ فمن ستختار؟
هذا هو التزامنا الوطني، باتخاذنا الإجراءات السياسية الوقائية والاحترازية عند الذهاب للتصويت، فلا نريد أن نُصَاب بجائحةٍ تشريعيةٍ بفِعل ورقتنا التي سنضعها في الصندوق، أما الالتزام، فهو نحو ضميرك الوطني باختيارك نائب يكون الأفضل من بين المُترشحين، وإن لم يكن المثالي، والالتزام أيضاً هو في المشاركة لنشكل مجلساً يقدِّم أداء أفضل يُعيد جزء من الثقة المفقودة.
ما أكتبه اليوم لكم لا يتعارض مع كل أصحاب دعوة للمقاطعة، فمع حملات سابقة نتيجة عدم الرضا عن القانون الحالي للانتخاب أو حتى الأداء للمجلس ودوره، ازدادت الرغبة بالمُقاطعة لدى البعض، وبوجود جائحة فايروس كورونا والخوف من نقل العدوى وهي رغبة مُحقَّة لحالات كثيرة ممن ينصح أصلاً بعدم خروجهم من المنزل، فالمريض مطلوب منه وطنياً أن يبقى في المنزل عازلاً نفسه، وكذلك الأمر لكبار السن، فلا نريد أن نكون تحت مطرقة العدوى بشكل أكبر.
لكن ماذا عن الآخرين؟، هُناك العديد من الحالات لو قمنا باستعراض تفاصيل يومهم لوجدنا أنهم يذهبون لأماكن ومواقع أشد خطورة لنقل الفايروس، وهناك من تتصفح فيديوهاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهي تعج بعدم الالتزام بأي سلوك وقائي، ويقود حملات للمقاطعة بحجة الخوف على صحته وصحة الناس.
وبالرغم من كل ذلك، لو استعرضنا خطوات الاقتراع؛ لوجدناها مليئة بالوقاية والسلامة العامة للحفاظ على صحة الناخب، فوجود حبر بالتنقيط واستخدام قلم خاص لكل ناخب داخل مركز الاقتراع وأثناء التصويت، وعدم دخول الناخب للمركز إلّا بالكمامة والقفازات، يجعل تلك البيئة مُناسبة أكثر من العديد من مواقع يومية نزورها.
الفكرة في كل ما أسلفت به هي لو أننا نَخشى على صِحَّتِنا؛ لقَدَّمنا مجلس نواب قوي يُحَاسب الحكومات بأدواته التشريعية التي يستطيع أن يستخدمها عند أي تقصير قد يكون، ولو أننا نخشى أيضاً على صِحَّتِنا لقدّمْنا مجلس نيابي -في ظرف استثنائي – ليكون شريكاً ويُقدِّم اقتراحات للناس والحلول لمشاكلهم وقضاياهم اليومية.
بكل صراحة، كم تمنيّت أن يتم فحص المُرشحين كل أربعة أيَّام وعزل من تثبت اصابته لأنهم بؤر ساخنة لنقل العدوى، وحتى أن يتم اسقاط أسماء مصابي كورونا من جداول الناخبين حتى يؤكد لهم عدم وجود لهم حق تصويتي، فأكتب وأتحدث لكون الصحة الأهمية الأُولى والقصوى، لنستطيع تخطّي هذا الاستحقاق الدستوري بوعي والتزام حيث أننا نستطيع تقديمه كنموذج حضاري مهم رغم تصرفات بعض المرشحين ورعونتهم بزفات عريس وفيديوهات، وبتركيب الشيلات والأهازيج مع الكثير من سلوكيات المخالطة الغير مسؤولة.
وما لنا إلّا أن ندعوه سبحانه وتعالى أن يرفع البلاء عن وطننا، وتعود لكل مشهد وحراك بيئته الخاصة به، فبيئة الانتخابات وتفاصيلها وحراكها نفتقدها، لكن التزامنا هنا سيُسجّل في ذاكرة الوطن وفي ذاكرتنا الشخصية لنعتز به، ونتمنى أن نكون بوعي كبير يُقَدِّم مجلس نواب وليس نوائب، فهم نوائب إن لم نُحسِن الاختيار، ونوائب لأننا منذ الآن نرى سلوكهم وتصرفاتهم الواضحة كعين الشمس وليست بحاجة لمن يفسرها ويحللها.
وختاماً أقول بأنّ ما علينا تذكُّرَه جميعاً هو أننا كشباب ساهمنا بالتشجيع على المشاركة الإيجابية لأجل الوطن، من خلال تيّارنا الشبابي "للأردن نلتقي" وجمعية سند للفكر والعمل الشبابي التي أتشرف برئاستها، وكُلّي فخر واعتزاز بنشاط أعضاء التيار والجمعية وهمتهم العالية، وأعلم بأن هذا أقل القليل لخدمة وطننا لأنّه يستحق منّا أكثر، ونلبي العمل بكل فخر وجهد متواصل لنحمي أنفسنا في الطريقين؛ الانتخابي والوبائي، فنسأل الله أن يحفظ الوطن وأهله الطيبين.