انتخابات نواب الأردن 2024 اقتصاديات أخبار الأردن جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

الغنميين يكتب: كورونا والعادات والمجتمع

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2020/08/29 الساعة 12:50
حجم الخط

مدار الساعة - كتب: أيمن الغنميين

نعيش في الأردن أزمة الكورونا منذ أشهر، مرت الأزمة، وتغير معها الكثير، فقد العديد تفاصيل شائعة في حياتهم اليومية، تجلت أشد هذه التغيرات غرابة مع بداياتها، حينما فرضت علينا اجتثاث أنفسنا من الشوارع والأماكن العامة وحتى مقار أعمالنا، بعضنا فارقها لعدة أسابيع، وآخرون الله يعلمهم فارقوها إلى أجل غير مسمى، وها نحن اليوم على أعتاب انفراج الأزمة عالميا وانحسارها، لا زلنا نحمل شيئا من الأيام الخوالي في قلوبنا، فماذا عن عاداتنا وأعرافنا؟ هل هي أيضا تغيرت ملامحها أم عُلقت لإشعار آخر؟

تحدث كثيرون عن التغير الكبير الذي طرأ على طقوس الزواج، وكيف وقف سد الجائحة منيعا أمام أبواب الصالات وأرتال السيارات "الفاردة" ، وكم وفر على جيوب العديدين تعليقهم لهذه المظاهر، توفير حفظ أيضا جيوب "المجبرين" الذي فقدوا أحبائهم خلال الجائحة، وفرصة جيدة لإعادة تركيب الحزن في مجتمعاتنا، فكم كنت أستغرب الحداد الذي يرافقه إعداد الولائم وجلي الأطباق في مجتمعاتنا، حزن يزامن الخوف من كلام الناس، وألم لا يشفع للمكلومين تهوانهم في مجاراة العادات والتقاليد المكلفة.

رمضان مر أيضا، مر بلا إفطارات كبرى، لست ضدها بالطبع، ولكنها كانت شكلا من اشكال الترف، إذ تحولت اهدافها لتصبح واحدة من مجالات التنافس والمجاملات، وتم تزييفها لتكون ديونا على الجميع تسديدها بلا اعتبار لحال الناس وواقعهم، هذا وقد فتحت الجائحة المجال لاستبدال هذه الموائد بتوزيع الطعام والمواد الغذائية على المتضررين من الجائحة، ربما لا يكون رمضان القادم في ظروف مماثلة، لكن ما حدث كان فرصة لإعادة النظر في الشكل الذي يقدم فيه الأفراد والأسر عملهم الخيري، ستكون الأولوية لمن هم في حاجة فعلا، سواء المتضررين من جائحة الكورونا أو جوائح الفقر والعوز.

هناك أيضا من أجبرتهم الظروف على ترك أعمالهم، ولمس الكثير منا أهمية تعلم الحرف والمهن، فمعظمها تقريبا ومن بين كل القطاعات كانت الأسرع في التعافي من غيرها، وربما يجد العديد منا في نفسه اليوم انه كان بحاجة لفتح مشروع صغير، تلك المشاريع أو المهن التي كانت حكرا على الوافدين، هي اليوم _ وبصرف النظر عن ثقافة العيب _ قد أثبتت أنها يمكنها إعادة التموضع في تروس الإقتصاد، على الأقل تلك المتعلقة بالأعمال التي لا غنى عنها، مع الإعتراف بتعطل أو جموح بعضها.

أخيرا، أظهرت لنا الجائحة أن لا مناص من التعاون، وأنه أيضا كان هناك العديد من رجال الأعمال الذين لم يقدموا شيئا حقيقيا لمساعدة الآخرين، وأنه لا بد لمجتمعاتنا تحويل سخطهم الالكتروني عليهم إلى ممارسات شهدها العالم في مجتمعات حية، مقاطعة وعزوف وسحب الإعلانات أو الدعايات المضادة، والتي أثبتت نجاحها في الدفع بهؤلاء لتقديم المساعدة لمجتمعاتهم، والأهم من هذا كله أننا لمسنا حاجة مجتمعنا لمن يدرس كيمياؤه وتفاعلاتها بتفاصيلها، وأن لا نستحي من ضرب الأمثال حتى في أضيق الزوايا، وليس المهم أن نقول أننا سنعلق بعض عاداتنا وتقاليدنا المكلفة ام سنستأنفها، الأهم أن الجائحة سمحت لنا اختبار حياتنا اليومية بدونها وبلا حاجة لها، أو أنها جعلتنا نغير شكلها ونعيد توجيهها بشكل صحيح، وهنا فإنه يمكن البناء على هذا في قادم الأيام.

مدار الساعة ـ نشر في 2020/08/29 الساعة 12:50