القائمة العربية المشتركة بيضة القبان

الكاتب: كمال زكارنة

فرضت القائمة العربية المشتركة ومن خلفها الجماهير الفلسطينية والعربية في الداخل الفلسطيني المحتل وجودها بكل قوة ،بعد اجراء انتخابات الكنيست الاخيرة وتمكنها من حصد خمسة عشر مقعدا بجدارة واقتدار ،واصبحت القوة الثالثة في الكنيست الصهيوني رغم انوف جميع القوى والاحزاب الصهيونية المعادية والمعارضة للشعب الفلسطيني .

اليوم يستقوي حزب ازرق ابيض بالقائمة العربية المشتركة للاطاحة بحزب الليكود وعزل نتنياهو واخراجه من الحلبة السياسية نهائيا ،ولا يخفي غانتس رغبته بالتحالف مع القائمة ولو من غير اشراكها في الحكومة الجديدة ،لكن بكل تأكيد سوف يكون للقائمة شروطها ومطالبها السياسية والاجتماعية والقانونية والخدمية والحياتية بشكل عام ،وفي مقدمتها المساواة ونبذ العنصرية والاضطهاد بحق الجماهير الفلسطينية والعربية في الداخل المحتل .

المهم في الموضوع فرض واثبات الوجود الفلسطيني باعتباره قوة مؤثرة ولها كلمتها ،وربما الكلمة الفصل كما يحصل الان ،في مصير الحكومات الصهيونية ،ولم يعد هناك اشتثناء للوجود الفلسطيني في الداخل المحتل ،ولا يمكن لقوة او حزب صهيوني ان يتجاوز الوجود الفلسطيني او يقفز عنه ،وهذه عملية تراكمية سوف تشهد في المستقبل المزيد من التعاظم والبناء والتطور للحضور والقوة والتأثير الفلسطيني داخل المجتمع الصهيوني المحتل ،بمعنى ان التأثير الفلسطيني والفعل الفلسطيني هناك ،لم يعد مقتصرا على تظاهرات واحتجاجات وبيانات وما شابه ،بل دخل في صلب الحراك السياسي والتوجه الاجتماعي وصياغة الرأي العام واحداث التغيير المطلوب في سلوك الاحتلال ولو بشكل نسبي.

الصراع القائم حاليا بين الحزبين الاكثر قوة في الكيان المحتل ،وتحديدا بين رأسيهما نتنياهو وغانتس ،هو بلا شك صراع سياسي وجودي ،فاذا استطاع غانتس تشكيل حكومة جديدة فان ذلك يعني نهاية نتنياهو السياسية ،واذا فشل غانتس ونجح نتنياهو في تشكيل الحكومة ،فان ذلك يعني دفن غانتس وشركاءه سياسيا ،واذا فشل الاثنان واتجه الكيان الى انتخابات رابعة ،فان ذلك يعني توقيعهما واعترافهما بأن دلة الاحتلال فاشلة بامتياز .

هذا الواقع الحقيقي الذي افرزته السلطوية الصهيونية ،ساهم في تقدم وابراز القوة السياسية الفلسطينية عبر القائمة العربية المشتركة ،وتمكينها من اظهار ثقلها واستخدامه بذكاء ووطنية صادقة ومخلصة ،من اجل تحسين ظروف حياة ومعيشة الجماهير الفلسطينية والعربية في الكيان المحتل ،وانتزاع الحقوق الانسانية وتعزيز صمودها وقول كلمتها بشجاعة وحكمة بما يخدم مصالح جماهيرها وابناء شعبها.

الليكود الذي بات يلفظ انفاسه الاخيرة في الحكم،بدأ يوجه لغة التحريض والعداء ضد القائمة العربية المشتركة ويصف اعضاءها بأنهم مخربون يرتدون البدلات ،ولا يجوز لغانتس التحالف معهم بأي شكل ،هذه طبيعة الكيان العنصري البغيض ،الذي يرفض الاخر والتعايش معه ،ويعادي السلام والانسانية ولا يمكنه ان يعيش الا في اجواء الحروب وسفك الدماء ،لكن بدأت تبرز في الكيان الغاصب لفلسطين بعض القوى التي تؤمن بضرورة الاستقلال عن فلسطين والشعب الفلسطيني حفاظا على مستقبل الكيان المحتل ،وان كانت هذه القوى ما تزال ضعيفة ومحدودة وتنمو وتتطور ببطء .