مدار الساعة - كتب: د. راضي العتـوم / خبير اقتصادي (مدير عام معهد الإدارة العامة سابقا)

المفهوم والمعايير

تعني الخدمات اللوجستية كافة الخدمات التي تقدم لسلسلة الامداد والتجهيز لما قبل عملية الإنتاج للسلع والخدمات للمنشأة الاقتصادية ولما بعدها سواء داخل الدولة أو خارجها، وقد أشارت منظمة الاسكوا الى أنها تشمل سلسلة الخدمات والأنشطة اللازمة لتحريك السلع وانشاء سلاسل الامداد داخل الحدود وخارجها، وذلك بهدف ضمان نقل المنتجات من المنتج الى المستهلك بالسرعة المطلوبة وبأفضل الظروف، وهذه الخدمات تعدّ غاية بالحيوية للتجارة الدولية خاصة في ظلّ اقتصادات العولمة.

وغني عن القول، أن للخدمات اللوجستية أهمية كبيرة في تعزيز التنافسية للمتاجرة داخل الدول وفيما بين الدول في العالم، كما أن لها أهمية كبرى في توفير فرص العمل والتشغيل، ورفع كفاءة التوصيل والنقل للبضائع، وتقليل التالف والفاقد منها، مما يعني الحفاظ على جودة المنتج وتوصيله للمستهلك النهائي في الوقت المتوقع وبالكيفية والجودة الخارجة من المصنع المنتج (المصدر: E/ESCWA/EDID/2017/IG.1/2017 مؤشر الأداء اللوجستي في المنطقة العربية: مكوناته ومنهجية إعداده ومستوياته، 2017).

وقد اهتمت دائرة البحوث الاقتصادية باتحاد الغرف العربية بالتطورات الحديثة في لوجستيات التجارة، ففي تقريرها حول تطورات اللوجستيات بالتجارة وأهمية الإفادة منها في العالم العربي، أشار التقرير الى أن اللوجستيات تتعدى مفهوم خدمات النقل، فهي شبكة من الخدمات التي تدعم الحركة المادية للسلع والتجارة عبر الحدود والتجارة داخل الحدود، لتشمل أنشطة التخزين، والوساطة، والتسليم السريع، وخدمات البنُية التحتية الحيوية مثل المحطات الطرفية (المصدر: خالد الباجوري، التطورات الحديثة في لوجستيات التجارة وأهمية الاستفادة منها في العالم العربي، اتحاد الغرف العربية، 2019).

كما اهتمت الهيئات الدولية الأجنبية والعربية ببناء مؤشرات للخدمات اللوجستية لقياس أنشطة وفعالية تلك الخدمات واجراء المقارنات الدولية كما غيرها من المقاييس، وعليه تمّ تركيب مؤشر الخدمات اللوجستية من مجموعة مؤشرات ومعايير تقيس جودة البنية التحتية المساندة للأنشطة تحت ست مجموعات كما جاء بتقارير ومؤشرات البنك الدولي، واتحاد الغرف العربية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي لغربي آسيا/ الاسكوا، وغيرها من التقارير) وتشمل المحاور الستة ما يلي:

1) كفاءة إدارة الجمارك والحدود في سرعة وبساطة التخليص، فيما يتعلق بمعالجة البيانات الجمركية من جمركي معتمد في عملية التخليص، واختيار مكان التخليص النهائي، عبر الانترنت، وضرورة استخدام مخلّص والافراج عن البضائع بتعّهد بانتظار إتمام المستندات المطلوبة للتخليص، وإخضاع المستوردات للمعاينة، أو لعدة معاينات، كما يشمل هذا العنصر ثلاثة أنواع من السلطات الحدودية: الادارات الجمركية، ووكالات ضمان الجودة والالتزام بالمعايير، ووكالات الصحة والصحة النباتية.

2) نوعية التجارة والبنية التحتية للنقل، وهي البنى الأساسية للموانئ، والطرق، والسكك الحديدية، والمطارات، ومرافق التخزين وإعادة الشحن، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

3) سهولة ترتيب الشحنات الدوليّة بأسعار تنافسية.

4) كفاءة ونوعية الخدمات اللوجستية

وتشمل خدمات النقل الجوي، والنقل البحري والموانئ، والتخزين، وإعادة الشحن والتوزيع، ووكلاء الشحن، والدوائر الجمركية، ووكالات ضمان الجودة والمعايير، ووكالات الصحة والصحة النباتية، والمخلصون الجمركّيون، وجمعيات التجارة والنقل، والمرسل إليهم أو الشاحنون.

5) القدرة على تتبع وتعقب الشحنات والبضائع

وتشمل التتبع والتعقب للشحنات التجارية والتأكد من وصولها.

6) سرعة وصول الشحنات إلى الموقع المقرر في الوقت المحدد.

التركيز على توقيت التخليص والتسليم، وتواتر وصول الشحنات ضمن مواعيد التسليم المقررة أو المتوقعة، والتأخير، والتخزين الالزامي، والمعاينة قبل الشحن، والمعاينة عند نقل البضائع من سفينة إلى أخرى، والانشطة الاجرامية، وطلب المدفوعات غير الرسمية.

وقد هدف البنك الدولي من إيجاد مؤشر الخدمات اللوجستية وتقديمه مرّة كل سنتين حتى يكون أداة قياس مرجعية لمساعدة البلدان على تحديد التحديات والفرص التي تواجهها في مجال اللوجستيات التجارية، وتحديد الاجراءات التي ينبغي أن تتخذها لتحسين أدائها في هذا المجال، أما طريقة القياس هذه فتستند الى مسح عالمي لأصحاب المصلحة العاملين على أرض الواقع، حيث يدلون برأيهم وانطباعهم حول مدى سلاسة الخدمات اللوجستية في البلدان التي يعملون فيها، والتي يتعاملون معها تجاريا خاصة وسطاء الشحن وشركات النقل.

ووفقا لمبادرة البنك الدولي، فإن المسح يشمل 160 بلداً؛ ويستند إلى خمسة آلاف مقيّم للبلدان، يعّدها خبراء في اللوجستيات. ووفقاً لمؤشر أداء الخدمات اللوجستية، يجري ترتيب البلدان حسب ملامح اللوجستيات التجارية على مقياس من (1 الى 5) ويستند الترتيب إلى مؤشر محلي، وآخر دولي، حيث يجيب المستهدف بعينة المسح الإجابة على معرفته وتقييمه للخدمات اللوجستية الدولية، مقارنة بدولته.

وعموما، فقد حققت بلدان العالم المتقدم المراكز العشرة الأولى في تصنيف مؤشر الأداء اللوجستي LPI منذ اعداد المؤشر الأول عام 2007، لأن تلك الدول تهيمن على سلسلة التوريد، أما الدول الأدنى ترتيبا فهي الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، والدول ذات الاقتصادات التي تعاني من الاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية.

وبالنسبة للدول العربية، فيظهر عدم التجانس بمؤشر الخدمات اللوجستية فيما بينها، ففي عام 2014 حازت ثلاث دول عربية من بين الدول الخمسين الأولى عالميا بالترتيب للمؤشر، وفي عام 2018 نجد أن الامارات العربية المتحدة احتلت المرتبة (11) على المستوى العالمي بعد ان كانت بالمرتبة (27) عام 2014. وجاءت دولة قطر بالمرتبة (30)، وسلطنة عمان بالمرتبة (43)، والسعودية بالمرتبة (55)، ثم البحرين (59)، والكويت (63)، فمصر (67)، وبعدها لبنان (79) فالأردن بالمرتبة (84)، وأخيرا تونس والمغرب والجزائر بالمراتب (105، و109 و117). وفي آخر القائمة العالمية تأتي السودان وموريتانيا بالمرتبتين (121، 135)، وسوريا (138)، والصومال (144) والعراق (147) وليبيا (154)، كما يوضح بالجدول التالي.

مؤشر خفّة الحركة اللوجستي للأسواق الناشئة

Agility Emerging Markets Logistics Index 2019

يعدّ مؤشر خفّة الحركة اللوجستي للأسواق الناشئة أكثر دلالة على نمو وتطور الأسواق الناشئة في مجال شبكة الخدمات اللوجستية، فتحليل الأسواق يتطلب درجة فهم أعمق لخصوصية ولمحرّك نمو كل سوق، لذلك اتبع نهج مؤشر خفّة الحركة اللوجستية ثلاث سُبُل رئيسة لقياس تطور الأسواق اللوجستية (المصدر: John Manners-Bell and Essa Al-Saleh, Agility Emerging Markets Logistics Index 2019, 2019, vdethorey@agility.com.)، وهذه السُبُل هي:

1. الفرص اللوجستية المحليّة: داخل الدولة.
2. الفرص اللوجستية الدولية.
3. أساسيات أطر الأعمال.

وعليه، فإن المنهج الجديد قد قسّم المعايير أعلاه لتلك المؤشرات في ثلاث مجموعات متساوية الوزن، أعطى كل منها نسبة الثلث (33%). وقد شملت تلك المجموعات المؤشرات التالية:

1. الفرص اللوجستية المحليّة: داخل الدولة، وتشمل:

• حجم ونمو سوق اللوجستيك المحلي
• حجم ونمو الاقتصاد
• حجم ونمو السكان
• عدالة توزيع الدخل
• درجة المدنيّة والتحضّر
• نمو عناقيد الأعمال.

2. الفرص اللوجستية الدولية، وتشمل:

• حجم ونمو سوق اللوجستيك الدولي
• حجم ونمو كثافة اللوجستيك التجارية
• جودة وترابط البنية التحتية
• وقت وكلفة الإجراءات عبر الحدود.

3. أساسيات وركائز أطر الأعمال، وتشمل:

• البيئة التنظيمية
• ديناميكية الائتمان والديون
• انفاذ العقود وأطر مكافحة الفساد
• التضخم واستقرار الأسعار
• كلفة الجريمة والعنف
• القدرة للوصول الى السوق والاستقرار المحلي.

ووفقا لتلك المعايير والمؤشرات، فقد خلص مؤشر الخفة اللوجستية الكلّي بالترتيب العالمي الموضح بالجدول التالي، حيث يتبين أن ترتيب الأردن جاء بالمرتبة ال (19) من بين خمسين دولة تمّ استطلاع آرائها، في حين استحوذت الامارات على الترتيب الثالث، والسعودية المرتبة السادسة، ودولة قطر الثامنة، وسلطنة عمان بالمرتبة الثانية عشرة، ثم المغرب والكويت بالمرتبتين ال (18 و19)، وبعدها مصر (26) ولبنان (29)، وأخيرا تونس والجزائر وليبيا بالمراتب (33 و35 و46) على الترتيب.