أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الرواشدة تكتب: العنف ضد المرأة

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ
حجم الخط

بقلم: د . ريم الرواشده

يسوق لنا التاريخ من ذلك الزمن الجاهلي صورة موحشة لتعامل المجتمعات العربية مع المرأة، فقد سلبت حقوقها، وتعرضت للأذى والعنف، حتى أن الأمر ارتقى إلى دفنها حية (الوأد)، وهنا فإني لا أتحدث بالعموم، وهناك بعض الحالات التي أثبتتها المصادر التاريخية تثبت إجلال بعض العرب للمرأة، لكن في المجمل الأعم، كانت المرأة مهانة الوجود، فالتعامل معها كان على أساس هيكل جسدي، خلق لإمتاع الرجل، وجلّ وظيفتها أن تخدم البيت وتلد الأطفال، وقد تعرضت للعنف بجميع أشكاله، ولم تكن المرأة آنذاك تملك المقدرة عن الدفاع عن نفسها وحقوقها، ولكن مجيء الإسلام نقل مكانة المرأة نقلة نوعية، وجعل لها حقوقها وعليها واجباتها، فأصبحت تمتلك قرارها، ولها حق الحياة، كما هو حال الرجل.

وقد تكون نظرة المجتمع إلى المرأة سببا آخر في توجيه العنف إليها، فهناك اعتقادات مجتمعية ترى أن المرأة ملك لزوجها، وله الحق في تأديبها وضربها، أو تعطي الحق للأب والأخ أن يفعل ما يريد بابنتهم، فهم المسؤولون عنها ولهم حرية التصرف فيما يرونه ويناسب معتقداتهم الاجتماعية.

ولعل النصوص القانونية التي تحكم علاقة الرجل بالمرأة سواء من أهلها أو زوجها أو حتى ابنها، هي نصوص لا تعد رادعة لهذه الأطراف، لذا يتمادون في إيقاع العنف على المرأة لمعرفتهم بأن العقوبة التي ستسند إليهم لا تكافئ أفعالهم، فمثلا قد يقتل الأخ أخته إن وجدها في حالة زنا، والقانون في هذه الحالة يمنحه عقوبة مخففة، مما يساعد على ارتكاب الجريمة.

ولا نتجاهل هنا العوامل الاقتصادية، فهناك حالات كانت ناتجة عن فقر الرجل أو ممن يعانون من البطالة، فهم يبحثون عن مصدر للمال، وخاصة إن كانت المرأة عاملة، فيلجؤون إلى إجبارها عنفا على تزويدهم بالمال، وعند رفض المرأة أو عجزها عن ذلك يكون العنف أداة من أدوات الضغط عليها، وهناك من الحالات التي أجبرت على البغاء من الزوج للحصول على المال، وفي حالات تضرب الفتاة من أبيها للحصول على المال، أو إجبارها على الاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية.

وإنني في هذه العجالة لا أدعي أني وضعت العوامل المؤدية إلى ارتكاب العنف ضد المرأة في دائرة الاكتمال، لكن هذه العوامل التي ذكرتها هي أبرز العوامل التي دفعت بالعنف ضد المرأة، فهناك أشكال أخرى للعنف وبأسباب مختلفة، فمثلا العنف اللفظي الذي تتعرض له المرأة سواء في العمل أو في الجامعات أو في الشارع، وهناك من النساء من تعرض للاعتداء الجنسي سواء بالترهيب أو بالترغيب.

وإذا ما أردنا الوقوف على بعض التوصيات التي قد تحد من العنف الموجه ضد المرأة، فإن الوازع الديني هو بمثابة الحل الأمثل، وذلك بعمل الندوات والمؤتمرات الدينية وتوعية المجتمع بخطورة الاعتداء على المرأة من الناحية الشرعية، إضافة إلى المجتمع ككل بحاجة إلى توعية تثقيفية باستخدام وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، ووضع المجتمع في خطورة هذه الظاهرة على تماسكه وآمنه المجتمعي الذي يعززه تلاحم المرأة والرجل وتعاضدهما. وعلى المشرع القانوني الأردني أن يغلظ العقوبة على جرائم الاعتداء الواقعة على المرأة، ولا بد من توعية المرأة بحقوقها وواجباتها، وتمكينها في المجتمع على نطاق أوسع.

مدار الساعة ـ