انطلقت في مدينة الحسين للشباب وتحت رعاية دولة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز فعاليات الأحتفال باليوم الدولي لمكافحة الفساد تحت شعار " لاللفساد فلننهض بالبلاد "!
فالفساد سواء أكان ماليا أو اداريا ظاهرة اجتماعية عالمية متفشية في معظم دول العالم ولكن بدرجات متفاوتة وهو سلوك مبغوض مكروه تنصب عليه اللعنات ليل نهار من الجميع فاسدين وضحايا فساد ولكنه في نفس الوقت مرغوب ومطلوب ويسعى اليه ويمارسه الكثيرون لأسباب كثيرة في مقدمتها وطليعتها غياب مبادئ العدالة الاجتماعية والنزاهة والشفافية في اشغال المواقع القيادية منها والعادية وإحساس الكثيرين أن مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين معدوم اذ تسند الامور في تلك المواقع الهامة الى غير أهلها من خلال شيوع أساليب الواسطة والمحسوبية والرشاوى واستغلال النفوذ من قبل مراكز القوى المهينة على صنع القرارت السياسية والاقتصادية بحيث أصبحت مواقع معينة حكرا على عائلات أو شريحة اجتماعية معينة يتم فيما بينها تداول المواقع الهامة في المجتمع مما سبب ويسبب حالة من الشعور بالغبن والمظلومية لدى شرائح واسعة من المجتمع تعتقد وهي غالبا محقة بأن أبناءها لو طبق مبدأ تكافؤ الفرص بنزاهة لكانوا أولى بهذه المواقع من غيرهم ممن حلّوا فيها بدون وجه حق ومن هنا يسود الاحتقان لدى الناس بسبب هذه الممارسات الظالمة ويتراكم مع الزمن ثم ينفجر على حين غرة كالبركان الخامد الذي كان يظن أنه قد خمد الى أبد الآبدين.
ان معظمنا مسؤولين ومواطنين نمارس مثل هذه السلوكات التي نحاربها نظربا ونمارسها عمليا رغم مظاهر التدين الكاذبة والخادعة التي نتظاهر بها يوميا او في المناسبات الدينية من صوم وحج ومظاهر الخشوع في المساجد أيام الجمع وغيرها حيث ترتفع الأكف ضارعة الى الله تعالى أن يجنبنا الفواحش ماظهر منها وما بطن مرددين خلف الأمام كلمة آمين دون أن يستجيب الله الينا لأنها أدعية لايتعدى أثرها عند غالبيتنا الحناجر.
لن ننهض من رقدتنا التي طال أمدها مادام العالم يتقدم بخطى متسارعة ونحن نغط في نوم عميق وفي نفس الوقت ندّعي قولا ولانسعى لتكريس ذلك فعلا بأننا خير الأمم و أن الأمل معقود علينا في انقاذ البشرية مما هي فيه - حسب اعتقادنا - من ظلال وانحلال وتدهور أخلاقي وكأن مجتمعاتنا مدن فاضلة سكانها ملائكة أبرار أطهار وان الآخرين فاسدون أشرار ندعو عليهم ليل نهار بأن يدمر الله حضارتهم التي ننعم بمنجزاتها وأن يشتت شملهم وأن يجعل أموالهم ونسائهم غنيمة لنا كمسلمين !
اذا اردنا فعلا أن نساهم مع دول العالم المتقدمة علميا و ثقافيا وسياسيا واقتصاديا وان يكون لنا دور ومساهمة فعالة في بناء الحضارة الأنسانية فعلينا أن نعطي المثل الأعلى في السلوك القويم قولا وعملا وأن نكون قدوة في كل ما هو خيّر وايجابي فعندها سيستمع العالم لخطابنا وينظر الى سلوكنا وأفعالنا ويسعى الى تقليدنا. فالإسلام الذي ندعي بأننا حملة رسالته ونريد نشره في العالم وتطبيق تعاليمه وشرائعه كنموذج للحكم الرشيد هذا الاسلام الذي ندعيه لم ينتشر ويكتسح كالإعصار امبراطوريات كانت ملء السمع والبصر لولا أنه قدم خطابا جديدا تجلى وتجسّد أولا في سلوك حملته ودعاته فوجدت فيه تلك الشعوب أداة ووسيلة لتحررها من أنظمة الاستبداد والفساد والطغيان التي كانت ترزح تحت وطأته وتعاني من شروره وويلاته.