الكاتب: د. محمد حسين المومني
بعيدا عن المنحى الايجابي لنقاشات تجربة التوجيهي الأخيرة، أو تلك التي أخذت منحى سلبيا ناقدا، يمكن التوقف أمام ثلاثة آراء او مدارس فكرية وازنة. الاول، ذلك الذي يعتقد بضرورة ان يكون الامتحان الوطني الاهم والاشمل مجرد محطة من محطات التطور العلمي، وواحدة من طرق عديدة لتنمية مواردنا البشرية، ولا يجب ان يكون الحاجز النهائي الذي يحكم سنوات طويلة من عمر الطالب المدرسي، ولا يجب ان يكون من التعقيد والصعوبة بحيث يوسم من لا يجتازه بالفشل طيلة عمره، ففي ذلك أذى نفسي ومجتمعي غير منصف للفرد وغير مفيد للمجتمع. اصحاب هذه المدرسة يعيبون على حالة الرعب والخوف التي ترافق الطلبة والاهل اثناء رحلة التوجيهي المقلقة، ويرون في ذلك اذى مجتمعيا يمكن تجنبه
الرأي الثاني يقول بعكس ذلك؛ اننا بحاجة لجعل هذا الامتحان جديا وصلبا لكي يفرز لنا الجدير بالحياة الاكاديمية، ومن يجب ان يتجهوا للاعمال المهنية الاخرى التي يحتاجها المجتمع. هم يرون ذلك عدالة لأنه يطبق بمساواة على الجميع، بل ان عدم العدالة الا يفرز الامتحان ويمايز بين مستويات الطلبة المختلفة ومن منهم يمكن له الاستمرار جامعيا من عدمه. ويضيفون انه لا يعقل ان تصبح محطة التوجيهي مجرد مرحلة شكلية تقذف عشرات الآلاف للجامعات، ليتخرجوا بعد نحو اربع سنوات ويقفوا في صفوف الجامعيين العاطلين عن العمل بينما المهن والاشغال لغير الجامعيين متوافرة ويشغلها غير الأردنيين، وهي مجزية ماليا اكثر من وظائف الجامعيين. الجامعي العاطل عن العمل عرضة بشكل اكبر للاحباط واليأس وربما التطرف، فمن وجهة نظره هو قام بما عليه، وحصل على الشهادة، ولكن المجتمع والدولة لم توفر له فرصة عمل تليق بكفاءته
الرأي الثالث والأخير يقول بضرورة إلغاء التوجيهي من اصله، بالتزامن مع إلغاء اسلوب القبول الموحد، ويصار الى اعتماد علامات المدارس، بالاضافة لامتحانات قبول جامعية، ومعايير قبول اخرى تتجاوز العلامة. اصحاب هذه الآراء يقيسون على تجارب عالمية نجحت، فتنافست المدارس على تخريج الاقوى، والجامعات على استقطاب الافضل، والطلبة على التميز والتنافس للحصول على التعليم الذي يحقق لهم المستقبل العملي الافضل