مدار الساعة – د.آمال جبور - قال الدكتور هشام غصيب ، أن الحداثة صورة ثقافية تضم في احشائها علما جديدا، وفضاء فلسفياً جديدا، وبناء سياسيا واقتصاديا جديدا.
جاء ذلك في محاضرته حول "علمنة الفلسفة الأوروبية" التي قدمها في الجمعية الفلسفية الاردنية امس الثلاثاء ، ضمن " ملتقى الثلاثاء الفكري "."
ويتساءل عصيب ، لماذا يستأثر الغرب ثقافيا بجل اهتمامنا على حساب اهتمامنا بالأقاليم الأخرى، كالصين والهند وإفريقيا؟ مشيرا إلى أن هناك سببين رئيسيين لذلك. أولا، ما زلنا واقعين تحت الهيمنة الغربية اقتصاديا وسياسيا وثقافيا.
وثانيا، فإن الغرب كان أول إقليم في العالم تخطى النظم ما قبل الرأسمالية صوب الرأسمالية بكل أبعادها. ومنه انتشرت في العالم أجمع.
ويضيف، يمكن القول إن ذلك جعل من الرأسمالية الغربية الرأسمالية الأنموذجية والأكثر شمولا والأعمق.
ويؤكد عصيب، إن بروز الرأسمالية الأوروبية من قلب الإقطاع الأوروبي شكل ثورة إنتاجية كبرى في تاريخ العالم وصاحبه ثورة ثقافية كبرى اصطلح على تسميتها الحداثة.
والحداثة من وجهة نظر المحاضر، هي ثورة ثقافية تضم في أحشائها علما جديدا وفضاء فلسفيا جديدا وبناء سياسيا واقتصاديا جديدا.
ويرى انها انطوت على بناء دولة سياسية من نمط جديد، هو الدولة البرجوازية الحديثة، وعلى فضاء فلسفي ووعي جمعي جديدين، مشيرا إن العلمانية شكلت بعدا جوهريا من أبعاد هذه الثورة الثقافية. فالعلمانية لا تقتصر على فصل الدين عن الدولة، وإنما تسم جوهريا كل مكونات الحداثة، بما في ذلك الفلسفة. فعلمنة الوعي والفكر كانت شرطا لعلمنة الدولة.
ويقول غصيب إن السمات الرئيسية للعلمانية هي: تهميش المؤسسة الدينية وتحرير السياسة والتربية والتعليم والإعلام والثقافة من سطوتها. وثانيا، علمنة الوعي والفكر، أي نقله من محورية الذات الإلهية إلى محورية الإنسان والذات العاقلة في تفاعلهما مع الطبيعة.
واشار أن الحداثة جاءت كنتيجة لثلاثة أصناف من الثورات شهدتها أوروبا: الثورات الثقافية كالنهضة الأوروبية والثورة العلمية الكبرى والثورة الفلسفية، والثورات الاقتصادية كالثورة الزراعية في بريطانيا والثورة الصناعية في بريطانيا أيضا، والثورات السياسية كالثورة الهولندية في مطلع القرن السابع عشر والثورة البريطانية في منتصف القرن السابع عشر والثورة الفرنسية الكبرى في نهاية القرن الثامن عشر.
وركزعلى علمنة الفلسفة، أي انتقالها من الأديان التقليدية إلى ما يسميه دين العقل تمهيدا لعلمنة الفلسفة كليا، أي نقلها من محورية الذات الإلهية إلى محورية الذات الإنسانية المفكرة، أي محورية العقل البشري.
و توقف عصيب في محاضرته على بعض المحطات الرئيسية في هذه المسيرة: مثل غاليليو، ديكارت، كانط، فخته، هيغل، فويرباخ، ماركس.
غصيب يتساءل: لماذا يستأثر الغرب ثقافياً بجل اهتمامنا؟
مدار الساعة ـ
حجم الخط