مدار الساعة - كتبت: المحامية نرجس صالح الشناق -
تائهة بين الرمال الذهبية والصحراء القاحلة والبرد القارص ، تمشي وتجمع بين الشرود في حالة الصحراء وحيدة
والفرح بهروبها من واقعها المؤلم .
وهي في هذه الحال وإذ بصوت رهيب هز وجدانها التفتت وإذ بجبل كهل شامخ يقول لها :
- ماذا تفعلين هنا أيتها الزهرة ؟ ما الذي أتى بكِ إلى هنا أمام شموخي ، لم يأتِ أحد إلى هنا منذ عقود طويلة.
- جاء بي الزمان رماني ولم يعد يريدني ولا أعرف السبب .
ضحك من حديثها ، وقبل أن ينهي ضحكته سألته :
- قل لي أيها الجبل أنت منذ زمن هنا ، إني أرى فيك الخلود والصمود.
- يعجبني ذكاءك ، أنا من قبل أن تولدي بقرون يا أيتها الزهرة البريئة .
- حدثني عن حالنا كيف كنا وكيف كانت الحياة ، حدثني كيف كانت العلاقة بين الزهور والجبال وكيف أصبحت .
بحزن وملامح توحي عدم رغبته بالإجابة قال :
- لا أريدكِ أن تحزني وتذبلي بعد أن تسمعي ما سأقوله ، أريدك أن تبقي زهرة يافعة مشرقة لا أن تصبحي هرمة كحالي .
- إنكَ تزيدني شغفا وحبا ، أرجوك حدثني .
- يا زهرتي ،كنا بحال من الحب والعطاء المتبادل كان الموت لا يستطيع أن يفرقنا ولم يتمكن المال أن يدخل بيننا ويفرقنا وباءت محاولاته بالفشل ، وحتى محاولات مياه الغرب لغزونا وإغراقنا فشلت أيضا ، لأنها
كانت تجد كل القنوات مسدودة أمامها ، ولكنها بدأت ترش بعض قطرات من بحرها على عقولنا ، ومرًة تلو
الأخرى بدأ تأثيرها يتسلل إلى أغلبنا الأمر الذي سهل للمال أن يدخل بيننا ويعبث بعقولنا وقلوبنا ، إلى أن أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن ، فالغالبية ممن ماتت ضمائرهم عاشوا هناك ومن حافظ على كرامته وأصالته نفي إلى هنا .