أوس حسين الرواشدة
هل نمتلك فعلا ثقافة الإصلاح؟، أم أنّها غريبة على مسامع مجتمعنا، وهل تبدأ من الفرد أم من المجتمع؟، وكيف لنا أن نتفادى وَضعَ ثقافة الإصلاح تحت عباءة ثقافة العيب؟، التي تفشّت بين الشباب وأعادت عصر "الكوليرا" القاتلة لنا.
إنَّ ما يمرُّ به مجتمعنا اليوم، وأقصد هنا مجتمعنا الفتيَّ الشاب، على جميع الأصعدة ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، كَوَّنَ وسيكوّن جيلا أشبه بالقنابل الموقوتة ، فجيل اليوم يتعرض للضغط من الداخل والخارج ، تارةً من مجتمعه وما يواجهه من أزمات تكاد تعمّ جميع القطاعات ، وتارةً بضغطٍ يشعرُ به تجاه مسؤوليته عن نفسه وعن مجتمعه أيضا، فما من مهرب له، وحتما تلك القنابل ستنفجر يوما ما.
يشهد المجتمع اليوم سجالا كبيرا في اتجاه الإصلاحات في أيّ مجال، لكن - وللأسف - نحن لا نمتلك ثقافةً خاصة بالإصلاح كأساسٍ لأيِّ فعل ايجابي، فالإصلاح بحدِّ ذاته يحتاج إلى طريقة ممنّهجة ليحدث بصورة صحيحة ، وأشير هنا إلى إصلاح النفس على وجهٍ خاص ، فأساليب التهذيب لصغار السنِّ مثلا ، أصبحت باليةّ رثّة، يعتاد في بيته على عادات وتقاليد معيّنة ، فيخرج حاملا " تربايته" إلى الشارع لِيُصدمَ بقطار الاختلاف ، فكلٌّ يحمل تربيةً خاصةً فيه ، ومن هنا يتوّلد صراعُ الشباب، ويدور في أفلاكهم سؤالٌ وجيه، "هل نتغيّر أم نُغيّر؟"، لكنّ الجواب يزيد السؤال تعقيدا ، فإن قرر الشاب مُجاراة تربية الآخرين "إيجابية كانت أم سلبية " سيضطر لأن يعيش بوجهين ، وجه عائلته في منزله، ووجه مجتمعه خارجه، وإن قرر أنّ يُلزمَ مجتمعه بما اعتاد عليه ، عاش وحيدا أو شبه وحيد.
دعوني أُنوّه هنا إلى الفرق بين الصلاح والإصلاح، فالصلاح يقبع في نفس الشباب بشكل عام، لكنّه يواجه مشكلتين، الأولى: أن طُرق التعبير عنه تختلف من شاب الى شاب، فكل فردٍ في مجتمعنا يرى الصلاح بعينٍ لا مثيل لها، والثانية : هي أنّ الصلاح دفينٌ في مُعظم الشباب ، يحتاج إلى "إعادة استكشاف" ، ومن هنا يكون الفرق بين الصلاح والإصلاح مُكمّلاً لا مُفرّقاً ، فيأتي الإصلاح ليعطي نظرة شمولية عن الصلاح تملأ جميع العيون، من خلال اجتثاث الصلاح الدفين في نفوس شبابنا.
كتبتُ في بداية ما كُتِب، أنَّ الشباب قنابل موقوتة، لكنّي لم أحدد في أيِّ اتجاه ستنفجر، في الخير أم الشر، لذا يلزمُ زرع ثقافةِ إصلاح فينا، وتقطيع رداء "العيب" الذي أصبح لِباسا لأيِّ جديد وغريب حتى لو كانت مصلحة المجتمع، تصبُّ فيه.