بقلم المحامي الدكتور هيثم منير عريفج
ليس منا من لا يعلم ان الاردن يمر بمرحلة دقيقة جدا من حيث الظرف العالمي بما فيها ضغوط ما يسمى بصفقة القرن، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المتدهور، وما نتج عن السياسات المتعاقبة من فقدان للثقة الشعبية و انهيارها، مما سمح بتجاوز بعض محتجي الحراك و المعارضة لكافة السقوف دون مراعاة المخاوف السابقة المتعلقة بالأمن وهو أمر يحدث للمرة الاولى و لا يمكن تجاهله او تجاوزه في مرحلة دقيقة كهذه.
في ظل كل هذا تاتي تصريحات وبرامج حكومة الدكتور الرزاز لتنقلنا الى مسلسل اخر من فقدان الثقة، اذا غالباً ما نكون امام تصريحات و بيانات و معلومات تحاول تجميل و صورة الواقع و دور الحكومه بطريقة غريبه غير مبنية على اي واقع ولا تحتاج الى خبير لاكتشاف زيفها و ركاكتها. فتأتيك ارقام الحكومة التي تظهر تطورات ونقلات متسارعة تضعنا في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا و اداريا ، وكأننا نعيش في بلد آخر، بينما الاقتصاد يعاني حالة غير مسبوقة من الركود و الانهيار ، تغلق الشركات و المطاعم و المحلات لعدم القدرة على تسديد الالتزامات، وتفرض المزيد من الضرائب والرسوم على مختلف القطاعات لتنهي اخر ما تبقى من قدرة لها على الاستمرار و العمل ، فيصبح خيار انهاء الأعمال و الرحيل الاقل ضررا.
بعد كل هذا يقرر الرئيس إجراء تعديلات وزارية متكررة هدفها ان تريح الشارع ولو نفسيا لفترة بسيطة، الا انه و بطرقة غير مفهومة يقوم بالتمسك بوزراء ضعيفي الأداء ومنتقدين شعبيا وقد فقدوا ثقة المواطن و بدى اداؤهم هزيلا و يقوم بإخراج وزراء آخرين دون منطق مفهوم لسبب اختيارهم دون غيرهم.
قبيل رمضان بدأت الحكومة بسلسلة اجراءات هزيله هدفها بحسب التسريبات امتصاص الغضب الشعبي خلال شهر رمضان ، كون الحكومة تخشى من ازدياد الاحتجاجات خلال الشهر الفضيل ، وكأن حكومتنا ترسل رسائل للجميع انه الوقت المناسب و ان الحكومة في أضعف الحالات و انها تخشى القادم ، مما يعطي المعارضة مزيدا من الزخم و القوة و ينبه من لم يعي ذلك انه الوقت للخروج الرابع لإنهاء ما تبقى من حكومة الرئيس.
وتأتيك درة تاج الرزاز بإجراء تعديل في وقت حرج من المفترض انه يهدف الى منح الرزاز الفرصة و إراحة الشارع و امتصاص الغضب ، الا ان الرئيس و دون سبب مفهوم يأتي بوزير محافظ يختلف نهجه مع خلفية الرئيس ، ومرفوض شعبيا ، بل شخصية معروف انها ستقوم بتأزيم الشارع و قد تؤدي التصادم.
لم يكن خفيا على أحد ما سيحدث على الرابع في ذات الليلة التي دعى الحراك و بعض القوى السياسية الى التجمع خلالها ، وكان توقيت الرئيس يوحي برغبة في إشعال الامور ، فكيف لك ان تختار يا دولة الرئيس يوم الخميس لصب الزيت على النار وانت تعلم عواقب الاسماء التي أتى بها التعديل.
النتائج ظهرت و بتسارع بعد ساعات من التعديل الأخير،مزيد من الاحباط ، مزيد من الاعداد على الرابع ، السقوف عالية جدا. الترتيب لاستمرار الاحتجاجات.
المطالب رمضان الحالي لن تكون برايي كما في رمضان الماضي . ولن تتوقف عند رحيل الحكومة ، فهذه تجربة جربها الشعب قبل عام و انتهت الى غير رجعة ، الامور مختلفة و المطالب مختلفة.
الحل هو استقالة سريعة للحكومة و حل مجلس النواب و تشكيل حكومة انتقالية تعود عن قانون الضريبة والقرارات الاقتصادية التي تسببت بالركود الذي نعاني منه ، و محاسبة سريعة لكبار الفاسدين و تقديم الاسماء الحقيقية الكبرى للمحاكمة. وتضع برنامجاً زمنياً لتصور اقتصادي من خبراء أردنيين قادرين على حل الأزمة الاقتصادية وتصدر قانون مؤقت للانتخاب و تجري انتخابات لتشكيل حكومة برلمانية ذات ولاية عامه.