الحيونات والطيور تعلم الإنسان

خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه (ثمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ(السجدة:9)) وعَلَّمَهُ الأسماء كلها - أسماء الأشياء كلها (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم(البقرة: 31 و 32)). وبعد ذلك عَلَّمَ آدم زوجه ما إستطاع أن يعلمها مما لديه من علم. ولقد ذكرنا في مقالة أمس كيف للحيوانات والطيور لغات وممكن أن تتعلم من الإنسان مثل الببغاء. ولكن في المقابل تعلم الإنسان الكثير الكثير من الحيوانات والطيور، فأرسل الله الحيوانات لتعلم آدم وزوجه كيفية التزاوج وحملت زوج آدم ... إلخ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (الأعراف: 189)) وبعد ذلك رزقهما الله الذرية إناثاً وذكوراً. ولكون الشيطان كان وما زال لتقوم الساعة عدواً لآدم وذريته وأخذ على نفسه عهداً أن يوقع العداوة والبغضاء في ذرية آدم إلى يوم الدين ( ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (الأعراف: 17)). فالشيطان تسبب في خروج آدم وزوجه من الجنة ويسبب وسيسبب الكثير من العداوات والمشاكل بين بني آدم.

بعد أن رزق الله آدم الذكور والإناث حتى تعمر ذرية آدم الأرض من بعده كان زواج الأخ من اخته مسموحاً به. فإختلف هابيل وقابيل على من يحظى في الأخت الأجمل ليتزوج منها وكان الحل أن يتقرب كلٍ من هابيل وقابيل بقرباناً لله ومن يُتَقَبَل قربانه يحظى في الأخت الأجمل. فتقبل الله قربان هابيل وكان خاروفاً أملحا من أفضل ما عنده من الغنم لأن هابيل كان راعياً. ولم يُتَقَبَل قربان قابيل وكان حزمة من القمح من أسوأ ما حصد وكان قابيل مزارعاً.
فغضب قابيل على هابيل وقتله غيرةً وحسداً وإنتقاماً حتى يحظى بالأخت الأجمل وكان كل ذلك بفعل الشيطان الذي وسوس لنفسه حتى طَوَّعت له نفسه قتل أخيه فقتله (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (المائدة: 30)) وبعد أن قتل قابيل أخوه هابيل شعر بالخسارة وحمله على ظهره وإحتار ماذا يفعل به حتى أصبحت رائحته كريهه. فأرسل الله غراباً لِيُرِيَهُ كيف يجب أن يواري سوأة أخيه وهنا تعلم بنو آدم عملية دفن موتاهم ومواراة أجسادهم في التراب (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (المائدة: 31)).

ولا ننسى أن الله أول ما خلق من خلقه هم الملائكة ومن ثم الجن ومن ثم الحيوانات وبعد ذلك الإنسان. وقد سَخَّرَ الله كل ما خلق في السموات والأرض للإنسان. ومما تقدم نصل إلى قناعة تامه أننا نتعلم من بعضنا البعض ومن كل مخلوقات ربنا حتى الحيوانات والطيور وغيرها ابداً ما أحيانا رب العالمين والتعلم لا يقف عند حد ( فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (طه: 114))، وما أوتينا من العلم إلا قليلا.