دعاني احد الاصدقاء الى وليمة اقامها في منزله لعدد من الذين لهم حظوة عنده.. واثتاء توجهي الى منزله انحرفت بوصلتي عن الطريق فوصلت متأخرا وقد اتى القوم على ما في الصحون ولم يبق الا الفتات ووصلوا بالامر الى مرحلة الحلويات والمشروبات، فاستقبلني المعزب ضاحكا مضيفا الى ضحكته الساخرة قائلا (والله يا صديقي اللي بحضر السوق بتسوق) واكتفيت بتناول فنجان من الشاي لعله يسكت قعقعة مصارين بطني من الجوع وعلى مضض، ولكن هذا المثل اشبع فضولي واطلق لفكري عنان التفكير حين تذكرت ما تعيشه الامة العربية من تخلف وانحدار في جميع المجالات قياسا بما وصلت اليه معظم الامم الاخرى وعلاوة على انها مقيدة بالتبعية والتي تصل الى درجة العبودية وحتى الانتماء، فاخذتني افكاري الى ربط هذا المثل الذي قيل بحالة سغبي الى حالة الامة العربية التي وصلنا اليها حتى الان.
وجدت في هذا المثل ارتباطا وثيقا بين حالتي وحالة الامة العربية، والفرق بين الحالتين انني بقيت جائعا والامة العربية بقيت مستعبدة، فالامة العربية لم يكن لها راي في (وعد بلفور) الذي كان المسمار الاول في نعش ضياع فلسطين، ولم يتم مشاورتها في اتفاقية (سايكس .. بيكو) والتي كان من نتائجها تقسيم البلاد العربية بين فرنسا وبريطانيا , والانكى من ذلك لم يتم دعوتنا لمؤتمر (سان ريمو) والذي رسخ اتفاقية (سيفر) وعمل على تفعيلها على ارض الواقع والتي رسمت مستقبل المنطقة العربية التي تضم العراق وسوريا بما فيها لبنان والاردن وفلسطين، وكانت التقسيمات والانتدابات حسب مصالح دول الحلفاء حيث تم تقسم سوريا الكبرى إلى أربعة أقسام:
سوريا ولبنان والاردن وفلسطين وتكون سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي وفلسطين الاردن, والعراق تحت الانتداب البريطاني، وهكذا ضاع الدم العربي بين دول الاستعمار وعجزنا من ايامها ان نأخذ بثأرنا، وتم على اثر ذلك رسم خرائط جغرافية وديموغرافية جديدة للارض والسكان، وتقسيمها عقائديا وطائفيا كاننا مزارع واغنام، وفرضت علينا قوانينهم ودساتيرهم وتحكموا باقتصادنا وسياساتنا واموالنا وضمائرنا شئنا ام ابينا, ولا زالت المؤامرات تحاك ضدنا الى يومنا هذا.
ولا نملك الا ان نندب حظنا وسوء طالعنا وقلة حيلتنا والبكاء على اللبن المسكوب، فبيدك لا بيد عمر، ونتشدق بتحرير فلسطين هيهات لامة قد فقدوا كل اسباب الانتصار وتقلدوا كل عوامل الهزيمة والتبعية ان يحرروها.